للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالهجرة والإسلام.

وفيه دليل على تحريم نكاح المشركة على المسلم، كما حُرِّم نكاحُ المسلمة على الكافر.

وهذه أحكام استفيدت من هذه الآية (١)، وبعضُها مجمع عليه وبعضها مختلف فيه، وليس مع من ادعى نسخَها حجة البتة، فإن الشرط الذي وقع بين النبي - صلى الله عليه وسلم - وبين الكفار مِن ردِّ من جاءه مسلمًا إليهم إن كان مختصًّا بالرجال لم تدخل النساء فيه، وإن كان عامًّا للرجال والنساء، فالله سبحانه خصَّصَ منه ردَّ النساء ونهاهم عن ردِّهن، وأمرهم بردِّ مُهورهن، وأن يردُّوا منها على من ارتدَّت امرأتُه إليهم من المسلمين المهرَ الذي أعطاها ثم أخبر أن ذلك حكمُه الذي يحكم به بين عباده، وأنه صادر عن علمه وحكمته (٢)، ولم يأت عنه ما ينافي هذا الحكم ويكون بعده حتى يكون ناسخًا له.

ولمَّا صالحهم على ردِّ الرجال كان - صلى الله عليه وسلم - يُمكِّنهم أن يأخذوا مَن أتى إليه منهم، ولا يُكرهه على العَود ولا يأمره به. وكان إذا قتل منهم أو أخذ مالًا، وقد فصل عن يده ولمَّا يَلحقْ بهم، لم ينكر عليه ذلك ولم يَضْمنه لهم، لأنه ليس تحت قهره ولا في قبضته ولا أمره بذلك، ولم يَقتضِ عقدُ الصلح الأمانَ على النفوس والأموال إلا ممَّن هو تحت قهره وفي قبضته، كما ضَمِن لبني جُذَيمة ما أتلفه عليهم خالد من نفوسهم وأموالهم، وأنكره وتبرَّأ منه. ولمّا


(١) كذا في الأصول، والوجه ــ كما في المطبوع ــ: «من هاتين الآيتين»، وهما العاشرة والحادية عشرة من سورة الممتحنة.
(٢) ص، ز، ج، ن: «علم وحكمة».