للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اللفظ عامًّا في الرجال والنساء، فنسخ الله ذلك في حقِّ النساء وأبقاه في حق الرجال (١)، وأمر نبيَّه والمؤمنين أن يمتحنوا من جاءهم من النساء، فإن علموها مؤمنةً لم يردُّوها إلى الكفار، وأمرهم بردِّ مهرها إليهم لما فات على زوجها من منفعة بُضْعها، وأمر المسلمين أن يردُّوا على من ارتدت امرأتُه إليهم مهرَها إذا عاقبوا، بأن يجبَ عليهم ردُّ مهر المهاجرة فيردُّوه إلى من ارتدت امرأته، ولا يردُّونه (٢) إلى زوجها؛ فهذا هو العقاب، وليس من العذاب في شيء (٣).

وكان في هذا دليل على أن خروج البضع من ملك الزوج متقوَّم، وأنه متقوَّم بالمسمى الذي هو ما أنفق الزوج لا بمهر المثل، وأن أنكحة الكفار لها حكم الصحة لا يُحكم عليها بالبطلان، وأنه لا يجوز ردُّ المسلمة المهاجرة إلى الكفار ولو شُرِط ذلك، وأن المسلمة لا يحل لها نكاحُ الكافر وأن المسلم له أن يتزوج المرأة المهاجرة إذا انقضت عدَّتُها وآتاها مهرها، وفي هذا أبين دلالة على خروج بضعها من ملك الزوج وانفساخِ نكاحها منه


(١) وذلك في قوله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآتُوهُمْ مَا أَنْفَقُوا} إلى قوله: {(١٠) وَإِنْ فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ فَعَاقَبْتُمْ فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْوَاجُهُمْ مِثْلَ مَا أَنْفَقُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ} [الممتحنة: ١٠ - ١١].
(٢) أي المهر. وفي المطبوع: «يردّونها»، خطأ.
(٣) لعله يشير إلى مَن قال من المفسرين إن معنى قوله تعالى: {الْكُفَّارِ} أي: غزوتم الكفار فأصبتموهم بعقوبة حتى غنمتم، أو: عاقبتم المرتدة بالقتل. انظر: «النكت والعيون» للماوردي (٥/ ٥٢٣) و «زاد المسير» لابن الجوزي (٨/ ٢٤٣).