للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولمَّا كان في الإنسان جزءٌ أرضيٌّ وجزءٌ مائيٌّ (١) وجزءٌ هوائيٌّ قسَم النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - طعامه وشرابه ونفَسه على الأجزاء الثَّلاثة.

فإن قيل: فأين حظُّ الجزء النَّاريِّ؟

قيل: هذه مسألةٌ تكلَّم فيها الأطبَّاء وقالوا: إنَّ في البدن جزءًا ناريًّا (٢) بالفعل، وهو أحد أركانه وأُسْطُقُصَّاته (٣). ونازعهم في ذلك آخرون من العقلاء من الأطبَّاء وغيرهم، وقالوا: ليس في البدن جزءٌ ناريٌّ بالفعل، واستدلَّوا بوجوهٍ:

أحدها (٤): أنَّ ذلك الجزء النَّاريَّ إمَّا أن يُدَّعى أنَّه نزل عن الأثير واختلط بهذه الأجزاء المائيَّة والأرضيَّة، أو يقال: إنَّه تولَّد فيها وتكوَّن. والأوَّل مستبعدٌ لوجهين أحدهما: أنَّ النَّار بالطَّبع صاعدةٌ، فلو نزلت لكانت بقاسرٍ من مركزها إلى هذا العالم. الثَّاني: أنَّ تلك الأجزاء النَّاريَّة لا بدَّ في نزولها أن تعبر على كرة الزَّمهرير الَّتي هي في غاية البرد (٥)، ونحن نشاهد في


(١) الجزء المائي مؤخر في النسخ المطبوعة على الجزء الهوائي. وفي الكلام لفّ ونشر مرتَّب.
(٢) ف: «جزء ناري».
(٣) ما عدا ف، س (وقد ضبط فيها): «استقصائه»، تصحيف. وهي في أصلها كلمة يونانية معرَّبة، بالسين أو بالصاد بعد القاف كما هنا، ويرى الدكتور ف. عبد الرحيم أنها دخلت في العربية من السريانية. ويراد بها العناصر الأربعة: الأرض والماء والهواء والنار. انظر: «مفاتيح العلوم» للخوارزمي (ص ١٣٧) و «القول الأصيل» (ص ١٦ - ١٧).
(٤) «أحدها» ساقط من د.
(٥) بعده في د زيادة: «ونحوه».