للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحادية والثلاثون: أنه (١) يُكرَه إفرادُ يوم الجمعة بالصوم. هذا منصوص أحمد. قال الأثرم: قيل لأبي عبد الله: صيام يوم الجمعة؟ فذكر حديث النهي (٢) أن يفرد، ثم قال: إلا أن يكون في صيام كان يصومه، وأمَّا أن يفرَد فلا. قلت: رجل كان يصوم يومًا ويفطر يومًا، فوقع فطرُه يومَ الخميس وصومُه يومَ الجمعة، وفطرُه يومَ السبت، فصار الجمعة مفردًا؟ فقال: هذا الآنَ لم يتعمَّد (٣) صومه خاصَّةً. إنما كره أن يتعمَّد الجمعة (٤).

وأباح مالك وأبو حنيفة صومه كسائر الأيام (٥). قال مالك (٦): لم أسمع أحدًا من أهل العلم والفقه وممَّن يُقتدى به ينهى عن صيام يوم الجمعة. وصيامُه حسَنٌ. وقد رأيت بعض أهل العلم يصومه، وأُراه كان يتحرَّاه.

قال ابن عبد البر (٧): اختلفت الآثار عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في صيام يوم الجمعة. فروى ابن مسعود عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: كان يصوم ثلاثة أيام من كلِّ شهر، وقال: «قلما رأيته مفطرًا يوم الجمعة» (٨). وهو حديث صحيح.


(١) «أنه» ساقط من ك ومستدرك في ع.
(٢) في ص بياض في موضع «النهي».
(٣) في النسخ المطبوعة: «إلا أن يتعمد»، تحريف.
(٤) وانظر: «مسائل» أبي داود (ص ١٣٧) وابن هانئ (ص ١٦٣) والكوسج (٣/ ١٢٣٨).
(٥) «الحجة على أهل المدينة» (١/ ٤٠٧).
(٦) في «الموطأ» (٨٦٥).
(٧) في «الاستذكار» (١٠/ ٢٦٠ - ٢٦٣).
(٨) أخرجه أحمد (٣٨٦٠) وأبو داود (٢٤٥٠) والترمذي (٧٤٢) والنسائي في «المجتبى» (٢٣٦٨) و «الكبرى» (٢٦٨٩، ٢٧٧١) وابن ماجه (١٧٢٥) وابن حبان (٣٦٤١، ٣٦٤٥) والبيهقي (٤/ ٢٩٤) كلهم من طريق شيبان عن عاصم عن زر بن حبيش عن عبد الله بن مسعود. وقد روي موقوفًا على ابن مسعود، ورفعُه صحيح، قاله الدارقطني في «العلل» (٧٠٤). قال الترمذي: حسن غريب، وصححه ابن عبد البر، وضعفه ابن الجوزي في «العلل المتناهية» (٢/ ٥٩) من غير بينة. وسيأتي من كلام المؤلف: «إن صحّ».