للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل

في أسباب شرح الصَّدر وحصولها على الكمال له - صلى الله عليه وسلم -

فأعظم أسباب شرح الصدر: التوحيد، وعلى حسب كماله وقوته وزيادته يكون انشراحُ صدر صاحبه. قال تعالى: {أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ} [الزمر: ٢٢]. وقال تعالى: {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ} [الأنعام: ١٢٥]. فالهدى والتوحيد من أعظم أسباب شرح الصدر، والشرك والضلال من أعظم أسباب ضِيق الصدر وانحراجه.

ومنها: النور الذي يَقْذِفه الله في قلب العبد، وهو نور الإيمان، فإنه يَشرح الصدر ويُوسِّعه ويُفرح القلب. فإذا فُقِد هذا النور من القلب (١) ضاقَ وحرِجَ، وصار في أضيقِ سجنٍ وأصعبِه.

وقد روى الترمذي في «جامعه» (٢) عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «إذا دخل النور القلبَ انفسحَ وانشرحَ». قالوا: وما علامة ذلك يا رسول الله؟ قال: «الإنابة إلى دار الخلود، والتَّجافِي عن دار الغرور، والاستعداد للموت قبل نزوله».


(١) في المطبوع: «قلب العبد». والمثبت من النسخ.
(٢) لم أجده فيه، وقد رواه الحكيم الترمذي في «نوادر الأصول» (٥٤٠) من حديث ابن عمر بإسناد ضعيف جدًّا، ورُوي أيضًا من حديث عبد الله بن مسعود وعبد الله بن عباس، ومن حديث الحسن البصري وأبي جعفر المدائني مرسلًا. وقد أطال الألباني الكلام عليه في «الضعيفة» (٩٦٥). وانظر: «علل الدارقطني» (٥/ ١٨٩) و «العلل المتناهية» (٢/ ٣١٨).