للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل

ومنها: أنَّ الكفَّارة لا تسقُط بالوطء قبل التَّكفير، ولا تتضاعف، بل هي بحالها كفَّارةٌ واحدةٌ، كما دلَّ عليه حكم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي تقدَّم، قال الصَّلْت بن دينار: سألت عشرةً من الفقهاء عن المظاهر يجامع قبل أن يكفِّر، فقالوا: كفَّارةٌ واحدةٌ. قال: وهم الحسن، وابن سيرين، ومسروق (١)، وبكر، وقتادة، وعطاء، وطاوس، ومجاهد، وعكرمة. قال: والعاشر أراه نافعًا (٢). وهذا قول الأئمَّة الأربعة. وصحَّ عن ابن عمر وعمرو بن العاص (٣) أنَّ عليه كفَّارتين. وذكر سعيد بن منصورٍ (٤)

عن الحسن وإبراهيم في الذي يظاهر ثمَّ


(١) كذا في النسخ. والصواب: «مورّق العجلي» كما في «المحلى» و «المغني».
(٢) ذكره ابن حزم في «المحلى» (١٠/ ٥٥) من طريق وكيع، وابن قدامة في «المغني» (١١/ ١١١) عن الخلال عنه. والقائل وكيع.
(٣) أخرجه ابن المنذر في «الأوسط» (٩/ ٣٩٨) وكذا في «المحلى» (١٠/ ٥٥) من طريق قبيصة بن ذؤيب عن عمرو بن العاص، وسنده حسن. وذكره ابن حزم من طريق سليمان التيمي قال بلغني عن ابن عمر، كلاهما في المظاهر يطؤها قبل أن يكفر؟ قالا جميعًا: عليه كفارتان. وانظر: «الاستذكار» (٦/ ٥٢) , و «المغني» (١١/ ١١١).
(٤) في «سننه» (١٨٣٣) وعنه ابن حزم في «المحلى» (١٠/ ٥٥) من طريق هشيم عن يونس بن عبيد عن الحسن، وعبيدة عن إبراهيم، قالا: عليه ثلاث كفارات. وفي سند إبراهيم: عبيدة الضبي، وهو ضعيف. ولفظه عند ابن حزم: قالا جميعًا في الذي يظاهر ثم يطؤها قبل أن يكفر: عليه ثلاث كفارات، وهي زيادة ليست في «سنن سعيد بن منصور».

تنبيه: نُقل عن الحسن والنخعيِّ في هذه المسألة قولان؛ أولهما: ثلاثُ كفارات، كما حكاه المصنِّف هنا، وقبله ابن حزم؛ اعتمادًا على رواية سعيد بن منصور السابقة، وفي هذا نظر؛ إذ الظاهر أن هذه الروايةَ لمسألة أخرى؛ حيث ساقها سعيدٌ إثر حكمِ مَن ظاهر مِن ثلاث نسوة، وليس في نصِّها ما يُشعر بتعلقها بالجماع قبل التكفير، وزيادةُ ابن حزم ليست في «السنن» كما مرَّ!
والثاني: كفارة واحدة، رواه سعيد (١٨٢٨، ١٨٢٩) وعبد الرزاق (١١٥٢٤) من طريق يونس عن الحسن، ومغيرة عن إبراهيم، ولفظ الحسن: «إنْ واقَع المظاهِر قبل أن يكفِّر فليُمْسكْ عن غشيانها، وليستغفر الله عز وجل ويتبْ إليه، ويكفِّرْ كفارة واحدة». وسنده صحيح، ويؤكِّده أثرُ الصّلت السابق؛ حيث عَدَّ الحسنَ في القائلين بالكفارة الواحدة، وأعقبه ابن حزم بقوله: «وهو قول إبراهيم النخعي والشعبي»! وحكاه عنهما أيضًا ابن المنذر في «الإشراف» (٥/ ٢٩٥)، ومما يَعضده إغفالُ ابن المنذر وابن عبد البر وابن قدامة وغيرهم القولَ بالثلاث أصلًا، على أن القول به لا يعضده نظر؛ كما قال المصنف هنا: «ولا يُعرف له وجهٌ»؛ فالحاصل أن حكاية القول بإيجاب ثلاث كفارات فيها نظر؛ فتأمَّل!