للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الصحابة في فتوح الشام (١)، وعُدَّ ذلك في مناقبهم وفضائلهم.

وهل إهداء القُرَبِ المجمَع عليها والمتنازَع فيها إلى الميت إلا إيثار بثوابها؟ وهو عين الإيثار بالقرب، فأي فرق بين أن يؤثره بفعلها ليُحرِزَ ثوابَها وبين أن يعمل ثم يؤثره بثوابها؟ وبالله التوفيق.

فصل

ومنها: أنه لا يجوز إبقاء مواضع الشرك والطواغيت بعد القدرة على هدمها وإبطالها يومًا واحدًا، فإنها شعائر الكفر والشرك وهي أعظم المنكرات، فلا يجوز الإقرار عليها مع القدرة البتة، وهذا حكم المَشاهد التي بنيت على القبور التي اتخذت أوثانًا وطواغيت تُعبَد مِن دون الله والأحجارِ التي تقصد للتعظيم والتبرك والنذر والتقبيل، لا يجوز إبقاء شيء منها على وجه الأرض مع القدرة على إزالته، وكثير منها بمنزلة اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى أو أعظم شركًا عندها وبها، وبالله المستعان.

ولم يكن أحد من أرباب هذه الطواغيت يعتقد فيها أنها تخلق وترزق وتميت وتحيي، وإنما كانوا يفعلون عندها وبها ما يفعله إخوانهم من المشركين اليوم عند طواغيتهم، فاتبع هؤلاء سَنَن من كان قبلهم، وسلكوا سبيلهم حذو القُذَّة بالقذة، وأخذوا مأخذهم شبرًا بشبر وذراعًا بذراع، وغلب الشرك على أكثر النفوس لظهور الجهل وخفاء العلم، فصار المعروف منكرًا والمنكر معروفًا، والسنةُ بدعةً والبدعة سنةً، ونشأ في ذلك الصغير وهَرِم عليه الكبير، وطَمَست الأعلامُ واشتدت غربة الإسلام، وقلَّ العلماء وغلبت السفهاء، وتفاقم الأمر واشتد


(١) وفي ثبوته نظر. انظر: «الطبقات» لابن سعد (٦/ ٨٨) و «الاستيعاب» (٣/ ١٠٨٤).