للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مقدمه بأربعة أيام، وقدم بدبَّابة (١) ومَنْجَنيق.

قال ابن سعد (٢): ولما خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من حُنينٍ يريد الطائف قدَّم خالد بن الوليد على مقدِّمته، وكانت ثقيف قد رَمَّوا حِصنَهم (٣) وأدخلوا فيه ما يُصلحهم لسنة، فلما انهزموا من أوطاس دخلوا حِصنَهم وأغلقوه عليهم وتهيؤوا للقتال، وسار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فنزل قريبًا من حصن الطائف وعسكرَ هناك، فرموا المسلمين بالنبل رميًا شديدًا كأنه رِجلُ جَرَاد (٤)، حتى أصيب ناس من المسلمين بجراحة وقُتِل منهم اثنا عشر رجلًا، فارتفع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى موضع مسجد الطائف اليوم، وكان معه من نسائه أمُّ سلمة وزينب فضرب لهما قُبَّتين، وكان يُصلِّي بين القُبَّتَين مدة حصار الطائف، فحاصرهم ثمانية عشر يومًا ــ وقال ابن إسحاق (٥): بضعًا وعشرين ليلةً ــ، ونصب عليهم المَنْجَنيق وهو أول ما رُمي به في الإسلام.


(١) الدبابة: آلة كانت تتّخذ في حرب الحِصار، يدخل فيها الرجال بسلاحهم ثم تُدفع في أصل الحصن فينقبون وهم في جوفها وهي تقيهم نبل العدوِّ ورميه. ومنها سميت الدبابة المعروفة اليوم.
(٢) في «الطبقات» (٢/ ١٤٥)، وهو عند شيخه (٣/ ٩٢٤) بأطول منه. والنقل من «عيون الأثر» (٢/ ٢٠٠).
(٣) أي: أصلحوا ما فسد منه.
(٤) رِجل الجراد: الجماعة الكثيرة من الجراد.
(٥) كما في «سيرة ابن هشام» (٢/ ٤٨٢)، وقال ابن هشام: ويقال: سبع عشرة ليلة. وفي حديث أنس عند مسلم (١٠٥٩/ ١٣٦) أنهم حاصروا الطائف أربعين ليلة ثم رجعوا إلى مكة.