للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فرض كفاية كانت الجمعة كذلك (١). وهذا فاسد، بل هذا نصٌّ من الشافعي أنَّ العيد واجبة (٢) على الجميع. وهذا يحتمل أمرين: أن يكون فرضَ عين كالجمعة، وأن يكون فرض كفاية، فإنَّ فرض الكفاية يجب على الجميع كفرض الأعيان سواء، وإنما يختلفان في سقوطه عن البعض ــ بعد وجوبه ــ بفعل الآخرين.

الثانية والعشرون: أنَّ فيه الخطبة التي مقصودها الثناء على الله وتمجيده، والشهادةُ له بالوحدانية، ولرسوله بالرسالة، وتذكيرُ العباد بأيامه (٣)، وتحذيرُهم من بأسه ونِقَمه، ووصيَّتُهم بما يقرِّبهم إليه وإلى جنَّاته (٤)، ونهيهم عما يقرِّبهم من سخطه وناره، فهذا هو مقصود هذه الخطبة والاجتماع لها.

الثالثة والعشرون: أنه اليوم الذي يستحَبُّ التفرُّغُ فيه للعبادة، وله على سائر الأيام مزيَّةٌ بأنواعٍ من العبادات واجبةٍ ومستحبَّةٍ. فالله سبحانه جعل لأهل كلِّ ملَّة يومًا يتفرَّغون فيه لعبادته، ويتخلَّون فيه عن أشغال الدنيا، فيومُ الجمعة يومُ عبادة. وهو في الأيام كشهر رمضان في الشهور، وساعة الإجابة فيه كليلة القدر في رمضان. ولهذا من صحَّ له يومُ جمعته وسلِمَ سلِمَتْ له سائرُ جمعته. ومن صحَّ له رمضانُ وسَلِم صحَّت له سائرُ سَنته. ومن صحَّت له حجَّته وسلِمَتْ صحَّ له سائر عُمره. فيومُ الجمعة ميزان الأسبوع، ورمضانُ ميزان العام، والحجُّ ميزان العمر. وبالله التوفيق.


(١) انظر: «المجموع شرح المهذب» (٤/ ٣٨٣).
(٢) يعني: صلاة العيد. وقد زيدت كلمة «صلاة» في ج. وفي المطبوع: «واجب».
(٣) ك، ع: «بآياته».
(٤) ك، مب: «جنابه».