للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكانت صلاته بالليل ثلاثة أنواع: أحدها ــ وهو أكثرها (١) ــ: صلاته قائمًا. الثاني: أنه كان يصلِّي قاعدًا، ويركع قاعدًا (٢). الثالث: أنه كان يقرأ قاعدًا، فإذا بقي يسيرٌ من قراءته قام فركع قائمًا (٣). والأنواع الثلاثة صحَّت عنه.

وأما صفة جلوسه في محلِّ القيام (٤)، ففي «سنن النسائي» (٥) عن عبد الله بن شقيق عن عائشة قالت: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلِّي متربِّعًا. قال النسائي: لا أعلم أحدًا روى هذا الحديث غير أبي داود ــ يعني الحَفْري ــ وأبو داود ثقةٌ، ولا أحسب إلا أنَّ هذا الحديث خطأ. والله أعلم (٦).


(١) ك، ع: «أكثر».
(٢) أخرجه مسلم (٧٣٠) من حديث عائشة.
(٣) أخرجه البخاري (١١١٨، ١١١٩) من حديث عائشة.
(٤) ص، ج: «حال محلِّ القيام».
(٥) «المجتبى» (١٦٦١) و «الكبرى» (١٣٦٧) ومن طريقه الدارقطني (١٤٨٢)، وأخرجه أيضًا ابن خزيمة (٩٧٨، ١٢٣٨) وابن حبان (٢٥١٢) والحاكم (١/ ٢٧٥) والبيهقي (٢/ ٣٠٥) من طرق عن أبي داود الحفري عن حفص بن غياث عن حميد الطويل عن عبد الله بن شقيق به، وكلام النسائي هذا في «المجتبى». وقد تابعه محمد بن سعيد الأصبهاني عند الحاكم (١/ ٢٥٨) والبيهقي (٢/ ٣٠٥)، قال الحافظ في «التلخيص» (٢/ ٦٣٩) بعد ذكر متابعة الأصبهاني للحفري: «فظهر أنه لا خطأ فيه»، وبنحوه أشار ابن عبد الهادي في «المحرر» عقب (٣٩٦)، ولكن الحمل فيه على شيخهما حفص بن غياث، انظر التعليق الآتي.
(٦) ومما يؤيد تعليله قولُ محمد بن نصر المروزي: «لم يأتِ في شيء من الأخبار التي رويناها عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه صلى جالسًا= صفةُ جلوسه كيف كانت، إلا في حديث روي عن حفص بن غياث أخطأ فيه حفص رواه عنه أبو داود الحفري، عن حميد عن عبد الله بن شقيق عن عائشة - رضي الله عنها -: «رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي متربعًا». قال: «وحديث الصلاة جالسًا رواه عن حميد عن عبد الله بن شقيق غير واحد، كما رواه الناس عن عبد الله بن شقيق رحمه الله، ولا ذكر التربّع فيه»، ثم فصَّل القول فيه، ثم أتى بآثار من الصحابة في الصلاة متربعًا. انظر: «قيام الليل» (ص ٢٠١ - ٢٠٤).