للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مدبرين حتى انتهوا إلى نسائهم، فلما رأى الرُّماة هزيمتهم تركوا مركزهم الذي أمرهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بحفظه وقالوا: يا قومُ الغنيمةَ الغنيمةَ (١)! فذكَّرهم أميرُهم عهدَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إليهم، فلم يسمعوا وظنُّوا أن ليس للمشركين رجعةٌ، فذهبوا في طلب الغنيمة وأخلَو الثغر، وكرَّ فرسانُ المشركين فوجدوا الثغر خاليًا قد خلا من الرماة، فجازوا منه وتمكنوا حتى أقبل آخرهم فأحاطوا بالمسلمين، فأكرم الله من أكرم منهم بالشهادة وهم سبعون، وتولَّى الصحابةُ وخَلَص المشركون إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فجرحوا وجهَه، وكسروا رَباعيتَه اليمنى وكانت السفلى، وهَشَموا البيضة على رأسه، ورمَوه بالحجارة حتى وقع لشقِّه وسقط في حفرة من الحفر التي كان أبو عامر الفاسق يكيد بها المسلمين، فأخذ عليٌّ بيده واحتضنه طلحة بن عبيد الله (٢).

وكان الذي تولَّى أذاه ــ صلوات الله وسلامه عليه ــ عمرو بن قَمِئة (٣) وعُتبة بن أبي وقاص. وقيل: إن عبدَ الله بن شهابٍ الزُّهري ــ عمَّ محمد بن مسلم بن شهاب الزهري ــ هو الذي شجَّه.

وقُتِل مصعب بن عمير بين يديه، فدفع اللواء إلى علي بن أبي طالب.


(١) «الغنيمة» وردت مرة واحدة في ص، د، ز، ث.
(٢) أي: حتى قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، كما في «الدرر» و «جوامع السيرة».
(٣) كذا سُمِّي في «الدرر» (ص ١٥٧) و «جوامع السيرة» (ص ١٦٠). والذي عند الطبراني في «الكبير» (٨/ ١٥٤) من حديث أبي أمامة بإسناد ضعيف، وعند عبد الرزاق (٩٦٤٨) من مرسل يعقوب بن عاصم= أن اسمه عبد الله بن قمئة، وكذا سمَّاه ابن هشام في «السيرة» (٢/ ٩٤). ويذكره موسى بن عقبة وابن إسحاق بـ «ابن قمئة» والواقدي بـ «ابن قَميئة» ولا يسمُّونه. انظر: «دلائل النبوة» (٣/ ٢١٥) و «سيرة ابن هشام» (٢/ ٨٠) و «مغازي الواقدي» (١/ ٢٤٥).