للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل

ومنها: تحريق أمكنة المعصية التي يُعصى الله ورسوله فيها وهدمُها، كما حرَّق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مسجد الضرار وأمر بهدمه ــ وهو مسجد يصلَّى فيه ويذكر الله فيه ــ لمَّا كان بناؤه ضرارًا وتفريقًا بين المؤمنين ومأوًى للمنافقين؛ وكل مكان هذا شأنه فواجب على الإمام تعطيلُه إما بهدم وتحريقٍ، وإما بتغيير صورته وإخراجه عما وضع له. وإذا كان هذا شأن مساجد (١) الضرار، فمشاهد الشرك التي تدعو سدنتها إلى اتخاذ مَن فيها أندادًا من دون الله أحقُّ بالهدم وأوجب، وكذلك محالُّ المعاصي والفسوق كالحانات وبيوت الخمارين وأرباب المنكرات. وقد حرَّق عمر بن الخطاب قريةً بكمالها يُباع فيها الخمر (٢)، وحرَّق حانوت رُويشد الثقفي وسمَّاه «فويسقًا» (٣)، وحرَّق قصر سعدٍ عليه لما احتجب فيه عن الرعية (٤).


(١) النسخ المطبوعة: «مسجد».
(٢) لم أجده عن عمر، وإنما أخرجه أبو عبيد في «الأموال» (٢٩١) وعنه ابن زنجويه (٤١١) عن علي بن أبي طالب بإسناد فيه لين.
(٣) أخرجه عبد الرزاق (١٠٠٥١، ١٧٠٣٥) وأبو عبيد في «الأموال» (٢٩٠) وابن سعد في «الطبقات» (٧/ ٦٠) وابن زنجويه في «الأموال» (٤٠٩، ٤١٠) والدولابي في «الكنى والأسماء» (١٠٤١) بأسانيد صحيحة.
(٤) أخرجه أحمد في «المسند» (٣٩٠) وابن المبارك في «الزهد» (٥١٣) من رواية عَباية بن رِفاعة بن رافع بن خَدِيج بنحوه، وفيه أن عمر بعث محمد بن مسلمة ليُحرق على سعدٍ باب قصره فقط. قال الحافظ ابن كثير في «مسند الفاروق» (١/ ٣٩٥): إسناده صحيح، إلا أن عباية بن رفاعة لم يدرك عمر. قلتُ: له طريق آخر عند ابن سعد في «الطبقات» (٧/ ٦٦) عن شيخه الواقدي.