للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

موجب النَّصِّ، وهذا لا يلزم من جعْلِ الأقراء الحيضَ، فإنَّ الحيضة وحدها عَلَمٌ، ولهذا اكتُفِي بها في استبراء الإماء.

قولكم: إنَّ القرء هو الجمع، والحيض يجتمع في زمان الطُّهر، فقد تقدَّم جوابه، وأنَّ ذلك في المعتلِّ لا في المهموز.

قولكم: دخول التَّاء في «ثلاثةٍ» يدلُّ على أنَّ واحدها مذكَّرٌ، وهو الطُّهر، جوابه: أنَّ واحد القروء قرءٌ، وهو مذكَّرٌ، فأتى بالتَّاء مراعاةً للفظه وإن كان مسمَّاه حيضةً، وهذا كما يقال: جاءني ثلاثة أنفسٍ وهنَّ نساءٌ باعتبار اللَّفظ. والله أعلم.

فصل

وقد احتجَّ بعموم آيات العِدَد الثَّلاث من يرى عدَّة الحرَّة والأمة سواءً، قال أبو محمَّد بن حزمٍ (١): وعدَّة الأمة المتزوِّجة من الطَّلاق والوفاة كعدَّة الحرَّة سواءً بسواءٍ، ولا فرقَ؛ لأنَّ الله تعالى علَّمنا العِدَد في الكتاب فقال: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: ٢٢٨]، وقال: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} [البقرة: ٢٣٤]، وقال تعالى: {وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: ٤]. وقد علم الله عزّ وجلّ إذ أباح لنا زواج الإماء أنَّه يكون عليهنَّ العِدَد المذكورات، فما فرَّق عزَّ وجلَّ بين حرَّةٍ ولا أمةٍ في ذلك، وما كان ربُّك نسيًّا.


(١) في «المحلى» (١٠/ ٣٠٦).