للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فريضة (١) الحجِّ، وإنَّما فيها الأمرُ بإتمامه وإتمامِ العمرة بعد الشُّروع فيهما، وذلك لا يقتضي وجوبَ الابتداء.

فإن قيل: فمن أين لكم تأخُّر (٢) نزول فرضه إلى التَّاسعة أو العاشرة؟

قيل: لأنَّ صدْر سورة آل عمران نزل عام الوفود، وفيه قدم وفد نجران على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وصالحهم على أداء الجزية، والجزية إنَّما نزلت عام تبوك سنة تسعٍ، وفيها نزل صدر سورة (٣) آل عمران، وناظر أهل الكتاب ودعاهم إلى التَّوحيد والمباهلة. ويدلُّ عليه أنَّ أهل مكَّة وجدوا في نفوسهم بما فاتهم من التِّجارة من المشركين لمَّا أنزل الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا} [التوبة: ٢٨]، فأعاضهم الله من ذلك بالجزية. ونزولُ هذه الآيات (٤) والمناداةُ بها إنَّما كان في سنة تسعٍ، وبعث الصِّدِّيق يؤذِّن بذلك في مكَّة في مواسم الحجِّ، وأردفه بعلي. وهذا الذي ذكرناه قد قاله غير واحدٍ من السَّلف. والله أعلم.

فصل

ولمَّا عزم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الحجِّ أعلمَ النَّاسَ أنَّه حاجٌّ، فتجهَّزوا للخروج معه، وسمع بذلك مَن حول المدينة، فقدموا يريدون الحجَّ مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ووافاه في الطَّريق خلائقُ لا يُحصَون، فكانوا من بين يديه


(١) في المطبوع: «فرضية» خلاف جميع الأصول.
(٢) ق، ع، ب، مب: «تأخير».
(٣) «سورة» ليست في ك، ص. وفي ب: «صدر» ليست مثبتة.
(٤) ك، ص، ج: «الآية».