للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل

في هديه - صلى الله عليه وسلم - في الجنائز والصلاة عليها واتباعها ودفنها

وما كان يدعو به للميت في صلاة الجنازة وبعد الدفن وتوابع ذلك

كان هديه وسيرته - صلى الله عليه وسلم - في الجنائز أكملَ هَدْيٍ مخالفٍ لهَدْي سائر الأمم، مشتملٍ على الإحسان إلى الميِّت ومعاملته بما ينفعه في قبره ويوم معاده، وعلى الإحسان إلى أهله وأقاربه، وعلى إقامة عبودية الحيِّ فيما يعامل به الميِّت.

فكان في هديه (١) في الجنائز: إقامةُ عبودية الرَّبِّ تعالى على أكمل الأحوال، والإحسانُ إلى الميت، وتجهيزُه إلى الله على أحسن أحواله وأفضلها، ووقوفُه ووقوف أصحابه صفوفًا يحمدون الله، ويستغفرون له، ويسألون له المغفرة والرحمة والتجاوز عنه؛ ثم المشيُ بين يديه إلى أن يُودعه (٢) حفرته، ثم يقوم هو وأصحابه على قبره سائلين له التثبيت أحوجَ ما كان إليه، ثم يتعاهده بالزيارة إلى قبره والسلام عليه والدعاء له، كما يتعاهد الحيُّ صاحبَه في دار الدنيا.

فأول ذلك: تعاهدُه في مرضه، وتذكيره الآخرة، وأمره بالوصية والتوبة، وأمرُ من حضَره بتلقينه شهادة أن لا إله إلا الله ليكون آخر كلامه (٣). ثم النهي عن عادة الأمم التي لا تؤمن بالبعث والنشور، من لطم الخدود، وشقِّ الثياب


(١) ك، ع: «فكان هديه».
(٢) ك، ع: «يودعوه».
(٣) الأمر بتلقين الشهادة أخرجه مسلم (٩١٦) من حديث أبي سعيد الخدري.