للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال قوم من المنافقين بعضُهم لبعضٍ: لا تنفروا في الحرِّ، فأنزل الله فيهم: {وَقَالُوا لَا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ} الآية [التوبة: ٨١].

ثم إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جدَّ في سفره وأمر الناس بالجَهاز وحضَّ أهل الغنى على النفقة والحُملان في سبيل الله، فحمل رجال من أهل الغنى واحتسبوا، وأنفق عثمان في ذلك نفقةً عظيمةً لم ينفق أحدٌ مثلها.

قلت: كانت ثلاثمائة بعير بأحلاسها وأقتابها وعُدَّتها، وألف دينار عينًا (١).

وذكر ابن سعد (٢): قالوا (٣): بلغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن الروم قد جمعت


(١) تصدُّق عثمان بثلاثمائة بعير روي من حديث عبد الرحمن بن خبَّاب السُّلَمي عند الترمذي (٣٧٠٠) وعبد الله بن أحمد في زوائده على «المسند» (١٦٦٩٦) بإسناد فيه لين لجهالة أحد رواته، قال الترمذي: حديث غريب من هذا الوجه.
وأما تصدُّقه بألف دينار فروي من حديث عبد الرحمن بن سمرة عند أحمد (٢٠٦٣٠) والترمذي (٣٧٠١) والحاكم (٣/ ١٠٢)، وفيه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ما ضرَّ عثمان ما عمل بعد اليوم». قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب.
هذا، وقد صحَّ في الجملة أن عثمان جهّز جيش العُسرة، فإنه لمّا حوصِر في آخر حياته أشرف على الناس وأنشد الصحابة في أشياء منها قوله: ألستم تعلمون أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من جهز جيش العسرة فله الجنة» فجهّزتُهم؟ فصدَّقوه فيما قال. أخرجه البخاري (٢٧٧٨) وغيره.
(٢) في «الطبقات» (٢/ ١٥٠)، والمؤلف صادر عن «عيون الأثر» (٢/ ٢١٦).
(٣) «قالوا» أي رواة المغازي من التابعين فمَن بعدهم ممن يروي عنهم ابن سعد المغازي في «طبقاته»، وقد ذكر أسانيده إليهم في أول المجلد الثاني (٢/ ٥). وفي النسخ المطبوعة: «قال» خلافًا للأصول ولمصدرَي النقل.