للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وبُطلانَه، فلما استرقُّوا (١) بعضَ الدول في وقت فتنةٍ وخفاءِ بعض السنة زوَّروا ذلك وعَتَّقوه وأظهروه، وساعدهم على ذلك طمعُ بعض الخائنين لله ولرسوله، ولم يستمر لهم ذلك حتى كشف الله أمره وبيَّن خلفاءُ الرسل بطلانه وكذبه (٢).

فصل

فلما نزلت آية الجزية أخذها من ثلاث طوائف: من المجوس واليهود والنصارى، ولم يأخذها من عباد الأصنام؛ فقيل: لا يجوز أخذها من كافرٍ غير هؤلاء ومن دان بدينهم، اقتداءً بأخذه وتركه. وقيل: بل تؤخذ من أهل الكتاب وغيرهم من الكفار (٣) كعبدة الأصنام من العجم دون العرب. والأول قول الشافعي وأحمد في إحدى روايتيه، والثاني قول أبي حنيفة وأحمد في الرواية الأخرى (٤).

وأصحاب القول الثاني يقولون: إنما لم يأخذها من مشركي العرب لأنها إنما نزل فرضها بعد أن أسلمت دارة العرب ولم يبق فيها مشرك، فإنها نزلت بعد فتح مكة ودخولِ العرب في دين الله أفواجًا، فلم يبق بأرض العرب مشرك، ولهذا غزا بعد الفتح تبوك وكانوا نصارى، ولو كان بأرض العرب مشركون لكانوا يلونه وكانوا أولى بالغزو من الأبعدين.


(١) أي: وجدوها في حال الرقَّة والضعف، ولم أجد من نصّ من أهل اللغة على هذا المعنى للكلمة. وغُيِّر في المطبوع إلى: «استخفُّوا».
(٢) م، ق، ب، ث، ع: «كذبه وبطلانه».
(٣) «من الكفار» سقط من م، ق، ب، ث.
(٤) انظر: «الأم» (٥/ ٤٠٢ - ٤٠٣)، و «الإنصاف» (١٠/ ٣٩٤)، و «المبسوط» (١٠/ ٧).