للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن تأمل السيرة وأيام الإسلام عَلِم أن الأمر كذلك، فلم تؤخذ منهم الجزيةُ لعدم من تؤخَذ منه منهم (١)، لا لأنهم (٢) ليسوا من أهلها.

قالوا: وقد أخذها من المجوس وليسوا بأهل كتاب، ولا يصح أنه كان لهم كتاب ورُفِع، وهو حديث لا يثبت مثله ولا يصحُّ سنده (٣). ولا فرق بين عُبَّاد النار وعُبَّاد الأصنام، بل أهل الأوثان أقرب حالًا من عباد النار وكان فيهم من التمسك بدين إبراهيم ما لم يكن في عباد النار، بل عباد النار أعداء إبراهيم الخليل؛ فإذا أُخِذت منهم الجزية فأخذُها من عباد الأصنام أولى، وعلى ذلك تدل سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما ثبت عنه في «صحيح مسلم» (٤) أنه قال: «إذا لقيتَ عدوَّك من المشركين فادعهم إلى إحدى خلال ثلاثٍ، فأيتهن أجابوك إليها فاقبل منهم وكُفَّ عنهم ... » ثم أمره أن يدعوهم إلى الإسلام أو الجزية أو يقاتلهم.

وقال المغيرةُ لعامل كسرى: أمرنا نبيُّنا أن نُقاتلَكم حتى تعبدوا الله أو تُؤَدُّوا الجزية (٥).


(١) «منهم» سقطت من النسخ المطبوعة. والمعنى: لعدم من تؤخذ منه الجزيةُ من مشركي العرب.
(٢) م، ق، ب: «لا أنهم».
(٣) أخرجه الشافعي في «الأم» (٥/ ٥٨٣) وفي «اختلاف الحديث» (١٠/ ١١٨) ــ ومن طريقه البيهقي (٩/ ١٨٨ - ١٨٩) ــ وعبد الرزاق (١٠٠٢٩) وأبو يعلى (٣٠١) من حديث علي موقوفًا عليه. وإسناده واه، فيه أبو سعد سعيد المرزُبان، وهو ضعيف منكر الحديث.
(٤) برقم (١٧٣١) من حديث بُريدة بن الحُصيب - رضي الله عنه -.
(٥) أخرجه البخاري (٣١٥٩).