للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل

وأمَّا طلاق السَّكران، فقال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ} [النساء: ٤٣]، فجعل سبحانه قولَ السَّكران غير معتبرٍ؛ لأنَّه لا يعلم ما يقول. وصحَّ عنه أنَّه أمرَ بالمقرِّ بالزِّنا أن يُسْتَنْكَه (١)، ليعتبر قوله الذي أقرَّ به أو يلغى.

وفي «صحيح البخاريِّ» (٢) في قصَّة حمزة لمَّا عقَر بعيرَي عليٍّ فجاء النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - فوقف عليه يلومه، فصعَّد فيه النَّظرَ وصوَّبَه وهو سكران ثمَّ قال: هل أنتم إلا عبيدٌ لأبي، فنكَصَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - على عقبيه. وهذا القول لو قاله غير سكران لكان رِدَّةً وكفرًا، ولم يؤاخذ بذلك حمزة.

وصحَّ عن عثمان بن عفَّان أنَّه قال: «ليس لمجنونٍ ولا سكران طلاقٌ». رواه ابن أبي شيبة (٣)، عن وكيعٍ، عن ابن أبي ذئبٍ، عن الزُّهريِّ، عن أبان بن عثمان، عن أبيه.

وقال عطاء: طلاق السَّكران لا يجوز (٤). وقال ابن طاوس عن أبيه:


(١) كما في حديث بريدة بن الخصيب، وقد سبق تخريجه (ص ٢٨٦).
(٢) (٢٣٧٥، ٣٠٩١، ٤٠٠٣)، وكذا مسلم (١٩٧٩) من حديث علي - رضي الله عنه -.
(٣) (١٨٢٠٩، ١٨٢٧٥) وسنده صحيح، وقد علقه عنه البخاري، جازمًا به. انظر: «الفتح»: (٩/ ٣٩١).
(٤) أخرجه ابن أبي شيبة (١٨٢٦٠، ١٨٢٧٨) من طريق حجاج بن أرطاة ورباح بن أبي معروف عنه. وسنده صحيح؛ وعزاه إليه البيهقي في «الكبرى»: (٧/ ٣٥٩)؛ لكن المشهور عنه القول بوقوع طلاقه، كما عند عبد الرزاق (١٢٢٩٦) عن ابن جريج عنه، وعزاه إليه ابن المنذر في «الأوسط»: (٩/ ٢٥٠)، و «الإشراف»: (٥/ ٢٢٦)، والبغوي في «شرح السنة»: (٩/ ٢٢٣)، والحافظ في «الدراية»: (٢/ ٧٠).