للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الاشتباه أنَّه خرج من مكَّة في شوَّالٍ للقاء العدوِّ، وفرغ من عدوِّه، وقسَمَ غنائمهم، ودخل مكَّة ليلًا معتمرًا من الجعرانة، وخرج منها ليلًا، فخفيتْ عمرتُه هذه على كثيرٍ من النَّاس، وكذلك قال مُحرِّش الكعبي (١).

فصل

وأمَّا من ظنَّ أنَّه اعتمر من التَّنعيم بعد الحجِّ، فلا أعلم له عذرًا، فإنَّ هذا خلاف المعلوم المستفيض من حجَّته، ولم ينقله أحدٌ قطُّ، ولا قاله إمامٌ، ولعلَّ ظانَّ هذا سمع أنَّه أفرد الحجَّ، ورأى أنَّ كلَّ من أفرد الحجَّ من أهل الآفاق فلا بدَّ له أن يخرج بعده إلى التَّنعيم، نزَّل حجَّة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على ذلك، وهذا عين الغلط.

فصل

وأمَّا من قال: إنَّه لم يعتمر في حجَّته أصلًا، فعذره أنَّه لمَّا سمع أنَّه أفرد الحجَّ، وعلم يقينًا أنَّه لم يعتمر بعد حجَّته= قال: إنَّه لم يعتمر في تلك الحجَّة اكتفاءً منه بالعمرة المتقدِّمة. والأحاديث المستفيضة الصَّحيحة تردُّ قوله، كما تقدَّم من أكثر من عشرين وجهًا. وقد قال: «هذه عمرةٌ استمتعنا بها» (٢)، وقالت له حفصة: ما شأن النَّاس حلُّوا ولم تحلَّ أنت من عمرتك؟ وقال سُراقة بن مالك: تمتَّع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وكذلك قال ابن عمر وعائشة وعمران بن حُصينٍ وابن عبَّاسٍ، وصرَّح أنس وابن عبَّاسٍ (٣) وعائشة أنَّه


(١) أخرجه أحمد (١٥٥١٣) والترمذي (٩٣٥)، وقال: هذا حديث حسن غريب، ولا نعرف لمحرش الكعبي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - غير هذا الحديث.
(٢) أخرجه مسلم (١٢٤١) من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما -.
(٣) «وصرح أنس وابن عباس» ساقطة من ص.