للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل

وأمَّا القسم الثَّاني وهو أن تُطلَق ألفاظ الذمِّ على من ليس من أهلها، فمثل نهيه - صلى الله عليه وسلم - عن سبِّ الدَّهر وقال: «إنَّ الله هو الدَّهر» (١)، وفي حديثٍ آخر: «يقول الله عزَّ وجلَّ: يُؤذِيني ابنُ آدم فيسبُّ (٢) الدَّهرَ، وأنا الدَّهر، بيدي الأمرُ، أُقلِّب اللَّيلَ والنَّهار» (٣)، وفي حديثٍ آخر: «لا يقولنَّ أحدكم: يا خيبةَ الدَّهر» (٤).

وفي هذا ثلاثُ مفاسدَ عظيمة:

إحداها: سَبُّه (٥) من ليس بأهلٍ للسبّ (٦)، فإنَّ الدَّهر خَلقٌ مسخَّرٌ من خلق اللَّه، منقادٌ (٧) لأمره، مذلَّلٌ لتسخيره، فسابُّه أولى بالذَّمِّ والسَّبِّ منه.

الثَّانية: أنَّ سبَّه متضمِّنٌ للشِّرك، فإنَّه إنَّما يسبُّه لظنِّه أنَّه يضرُّ وينفع، وأنَّه مع ذلك ظالمٌ، قد ضرَّ من لا يستحقُّ الضَّرر، وأعطى من لا يستحقُّ العطاء، ورفعَ من لا يستحقُّ الرِّفعة، وحَرَمَ من لا يستحقُّ الحرمان، وهو عند شاتميه من أظلم الظَّلَمَة، وأشعار هؤلاء الظَّلَمَة (٨) الخَوَنة في سبِّه كثيرةٌ جدًّا، وكثيرٌ


(١) رواه مسلم (٢٢٤٦/ ٥) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.
(٢) ص، ج، ك: «يسب».
(٣) رواه البخاري (٤٨٢٦) ومسلم (٢٢٤٦/ ٢) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.
(٤) رواه البخاري (٦١٨٢) ومسلم (٢٢٤٦/ ٣) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.
(٥) ص، ج: «مسبة».
(٦) ك: «ليس من أهل السب».
(٧) ص، ج: «منقادا».
(٨) «وأشعار هؤلاء الظلمة» ساقطة من ك.