للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من الجهَّال يُصرِّح بلعنته وتقبيحه.

الثَّالثة: أنَّ السَّبَّ منهم إنَّما يقع على من فعلَ هذه الأفعال الَّتي لو اتَّبع الحقُّ فيها أهواءهم لفسدت السَّماوات والأرض، وإذا وافقتْ أهواءَهم (١) حَمِدوا الدَّهر وأثنوا عليه. وفي حقيقة الأمر (٢) فربُّ الدَّهرِ تعالى هو المعطي المانع، الخافض (٣) الرَّافع، المُعِزُّ المُذِلُّ، والدَّهر ليس له من الأمر شيءٌ، فمسبَّتهم للدَّهر مسبَّةٌ لله عزَّ وجلَّ، ولهذا كانت مؤذيةً للرَّبِّ تعالى، كما في «الصَّحيحين» من حديث أبي هريرة عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: «قال الله تعالى: يُؤذِيني ابنُ آدم يَسُبُّ الدَّهرَ، وأنا الدَّهر»، فسابُّ الدَّهرِ دائرٌ بين أمرين لا بدَّ له من أحدهما: إمَّا مسبَّةُ اللَّه، أو الشِّركُ به، فإنَّه إن اعتقد أنَّ الدَّهر فاعلٌ مع الله فهو مشركٌ، وإن اعتقد أنَّ الله وحده هو الذي فعلَ ذلك وهو يسبُّ مَن فعلَه فقد سبَّ اللَّه.

ومن هذا قوله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يقولنَّ أحدكم: تَعِسَ الشَّيطانُ، فإنَّه يتعاظم حتَّى يكون مثل البيت، ويقول: بقوَّتي صَرَعتُه (٤)، ولكن ليقلْ: بسم اللَّه، فإنَّه يتصاغر حتَّى يكون مثل الذُّباب» (٥).


(١) في المطبوع: «وقعت أهواؤهم» خلاف النسخ.
(٢) «وفي حقيقة الأمر» ليست في ك.
(٣) ص: «الخافظ»، تحريف.
(٤) «صرعته» ليست في ص، ج.
(٥) رواه أحمد (٢٠٥٩٢) وأبو داود (٤٩٨٢) من حديث رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، وجاء مسمى أسامة بن عمير عند الحاكم وصححه (٤/ ٢٩٢)، وجوَّده البوصيري في «إتحاف الخيرة» (٦/ ٤٣٢)، وصححه الألباني في «تخريج الكلم الطيب» (ص ١٧٥).