للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلت: ولو صح لم يكن في هذا حجة على جواز التشبه بالدِّباب والتكسُّر والتخنُّث في المشي المنافي لهدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (١)، فإن هذا لعله كان من عادة (٢) الحبشة تعظيمًا لكُبرائها كضرب الجوك (٣) عند الترك ونحو ذلك، فجرى جعفر على تلك العادة وفعلها مرةً ثم تركها بسُنَّة (٤) الإسلام، فأين هذا من القفز والتكسُّر والتخنيث والتثنِّي؟! وبالله التوفيق.

قال موسى بن عقبة (٥): وكانت بنو فَزارة ممن قدم على أهل خيبر ليعينوهم، فراسلهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن لا يعينوهم وأن يخرجوا عنهم ولكم من خيبر كذا وكذا، فأبوا عليه، فلمّا فتح الله عليه خيبر أتاه من كان ثَمَّ مِن بني فزارة فقالوا: وعدَك (٦) الذي وعدتنا، فقال: «لكم ذو الرُّقيبة» ــ جبل من جبال خيبر ــ فقالوا: إذًا نقاتلك، فقال: «موعدكم كذا»، فلما سمعوا ذلك من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرجوا هاربين.

وقال الواقدي (٧): قال أبو شُيَيم المُزَني وكان قد أسلم فحسُنَ إسلامُه:


(١) زِيد بعده في هامش س مصححًا عليه: «وأصحابِه».
(٢) ز: «هدي».
(٣) الجُوك: معرب «چوك» بالجيم الفارسية، وهو الفخذ. وضرب الجوك نوع من البروك والجثوّ عند الترك والمغول في حضرة ملوكهم. انظر: المعجم الفارسي «برهان قاطع» (٢/ ٦٧٠)، و «تكملة المعاجم» لدوزي (٢/ ٣٥١)، و «معجم الألفاظ التاريخية في العصر المملوكي» لمحمد أحمد دهمان (ص ٥٨).
(٤) ث، المطبوع: «لسنة».
(٥) كما أسنده البيهقي في «الدلائل» (٤/ ٢٤٨).
(٦) س، ن: «حظَّنا» وفاقًا لمصدر النقل.
(٧) في «مغازيه» (٢/ ٦٧٥)، والمؤلف صادر عن «الدلائل» (٤/ ٢٤٩).