للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وشأن الروح فوق هذا، فلها شأن وللأبدان شأن، وهذه النار تكون في محلِّها وحرارتُها تؤثر في الجسم البعيد عنها، مع أن الارتباط والتعلُّق الذي بين الروح والبدن أقوى وأكمل وأتم، فشأن الروح أعلى من ذلك وألطف.

فقل للعيون الرُّمْدِ: إياكِ أن تَرَي ... سنا الشمس فاستغشِي ظلامَ اللياليا (١)

فصل

قال الزهري (٢): عرج برسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى بيت المقدس وإلى السماء قبل خروجه إلى المدينة بسنة.

وقال ابن عبد البر (٣) وغيره: كان بين الإسراء والهجرة سنة وشهران. انتهى.

وكان الإسراء مرةً واحدةً. وقيل: مرتين، مرةً يقظةً ومرةً منامًا، وأرباب هذا القول كأنهم أرادوا أن يجمعوا بين حديث شريك (٤) وقوله: «ثم استيقظت» وبين سائر الروايات. ومنهم من قال: بل كان مرتين؛ مرةً قبل الوحي لقوله في حديث شريك: «وذلك قبل أن يوحى إليه» (٥)، ومرةً بعد الوحي كما دلت عليه


(١) البيت من قصيدة ذكرها في «مدارج السالكين» (٣/ ٣١)، ولعلها للمؤلف نفسه.
(٢) في المطبوع: «قال موسى بن عقبة عن الزهري»، وليس في الأصول، لكنّ الرواية كذلك، أخرجها البيهقي في «الدلائل» (٢/ ٣٥٤) وابن عبد البر في «التمهيد» (٨/ ٥٠).
(٣) في «الاستيعاب» (١/ ٤٠).
(٤) هو شريك بن عبد الله بن أبي نمر، وروايته لحديث الإسراء عن أنس عند البخاري (٧٥١٧).
(٥) قوله: «لقوله ... إليه» ساقط من ص، ز.