للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والصحيح أن لفظ الطلاق والعتاق والحرية كذلك؛ إذا أراد به غير تسييب الزوجة وإخراجِ الرقيق عن ملكه لا يقع به طلاق ولا عتق، هذا هو الصواب الذي ندين الله به ولا نرتاب فيه البتة. فإذا قيل له: إن غلامك فاجر أو جاريتك تزني، فقال: «ليس كذلك، بل هو غلام عفيف حرٌّ وجارية عفيفة حرَّة»، ولم يرد بذلك حرية العتق، وإنما أراد به (١) حرية العفة= فإن جاريته وعبده لا يَعتِقان بهذا أبدًا. وكذا إذا قيل له: كم لغلامك عندك سنةً؟ فقال: هو عتيق عندي، وأراد قدم ملكه له لم يَعتِق بذلك. وكذلك إذا ضرب امرأته الطلق، فسئل عنها فقال: هي طالق، ولم يخطر بقلبه إيقاع الطلاق وإنما أراد أنها في طلق الولادة لم تَطْلُق بهذا. وليست هذه الألفاظ مع هذه القرائن صريحة إلا فيما أريد بها ودلَّ السياق عليها، فدعوى أنها صريحة في الطلاق والعتاق مع هذه القرائن مكابرة ودعوى باطلة قطعًا.

فصل

وفي سجود كعب حين سمع صوت المبشر دليل ظاهر أن تلك كانت عادة الصحابة، وهي سجود الشكر عند النعم المتجددة والنقم المندفعة، وقد سجد أبو بكر الصديق لما جاءه قتل مسيلمة الكذاب (٢)، وسجد علي بن أبي طالب حين وَجَد ذا الثُّدَيَّة مقتولًا في الخوارج (٣).


(١) «به» ساقط من س، ث، والنسخ المطبوعة.
(٢) أخرجه سعيد بن منصور كما سبق أن ذكره المؤلف في فصل في سجود الشكر (١/ ٤٤١). وعند عبد الرزاق (٥٩٦٣) وغيره أنه سجد «حين جاءه فتح اليمامة».
(٣) أخرجه أحمد (٨٤٨) وابن أبي شيبة (٨٥٠٢، ٨٥٠٨، ٨٥١٠) والحاكم (٢/ ١٥٤) من طرق يصحُّ الخبر بمجموعها.