للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد استقبلته كتائب المشركين.

ومنها: إيصال الله سبحانه قبضته التي رمى بها إلى عيون أعدائه على البعد منه، وبركته في تلك القبضة حتى ملأت أعيُنَ القوم، إلى غير ذلك من معجزاته فيها، كنزول الملائكة للقتال معه حتى رآهم العدوُّ جهرةً ورآهم بعضُ المسلمين (١).

ومنها: جواز انتظار الإمام بقَسْم الغنائمِ إسلامَ الكفار ودخولهم في الطاعة فيردَّ عليهم غنائمهم وسبيهم. وفي هذا دليل لمن يقول: إن الغنيمة إنما تملك بالقسمة لا بمجرد الاستيلاء عليها، إذ لو ملكها المسلمون بمجرد الاستيلاء لم يستأنِ بهم النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - ليردَّها عليهم، وعلى هذا فلو مات من الغانمين أحدٌ قبل القسمة أو إحرازِها بدار الإسلام رُدَّ نصيبه على بقية الغانمين دون ورثته، وهذا مذهب أبي حنيفة (٢)، ولو مات قبل الاستيلاء لم يكن لورثته شيء، ولو مات بعد القسمة فسهمُه لورثته.


(١) ومما روي في نزول الملائكة غير ما سبق عند المؤلف في أحداث الغزاة: ما رواه مُسَدَّد في «مسنده» ــ كما في «المطالب العالية» (٤٣٠٩) ــ والطبري في «تفسيره» (١١/ ٣٩٣، ٣٩٥) وابن عساكر في «تاريخه» (٣٤/ ١٧٣) من طرق عن عوف الأعرابي، عن عبد الرحمن مولى أم بُرثُنٍ قال: حدثني رجل كان من المشركين يوم حنين قال: «لمّا التقينا نحن وأصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - لم يقوموا لنا حلبَ شاة أن كشفناهم، فبينا نحن نسوقهم في أدبارهم إذ انتهينا إلى صاحب البغلة الشهباء فتلقَّانا عنده رجال بيض حسان الوجوه فقالوا لنا: شاهت الوجوه! ارجعوا، قال: فانهزمنا وركبوا أكتافنا فكانت إياها». وإسناده جيّد.
(٢) انظر: «شرح مختصر الطحاوي» للجصاص (٧/ ٢٣) و «بدائع الصنائع» (٧/ ١٢١) و «المغني» لابن قدامة (١٣/ ٩١).