للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذكر الطبراني في «معجمه» (١) من حديث محمد بن إسحاق عن يحيى بن عبّاد بن عبد الله بن الزبير عن أبيه عن عائشة قالت: «لمّا كان من أمر عقدي ما كان، قال أهلُ الإفك ما قالوا، فخرجتُ مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في غزوةٍ أخرى فسقط أيضًا عقدي حتى حبس التماسُه الناسَ ولقيتُ من أبي بكرٍ ما شاء الله، وقال لي: يا بُنيَّة في كل سفرٍ تكُونين عناءً وبلاءً؟! وليس مع الناس ماء، فأنزل الله الرخصة بالتيمم».

وهذا يدل على أن قصة العقد التي نزل التيمم لأجلها بعد هذه الغزوة، وهو الظاهر (٢)، ولكن فيها كانت قصةُ الإفك بسبب فقدِ العقد والتماسِه، فاشتبه على بعضهم إحدى القصتين بالأخرى، والله أعلم. ونحن نشير إلى قصة الإفك:

وذلك أن عائشة -رضي الله عنها- كانت قد خرج بها رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - معه في هذه الغزوة بقرعة أصابتها، وكانت تلك عادته مع نسائه، فلما رجعوا من الغزوة نزلوا في بعض المنازل، فخرجت عائشة لحاجتها (٣) ثم رجعت ففقدت عقدًا


(١) «الكبير» (٢٣/ ١٢١)، وفي إسناده إلى ابن إسحاق ضعف. وقد أخرجه أحمد (٢٦٣٤١) من طريق آخر عن ابن إسحاق بنحوه، وقد صرَّح فيه ابن إسحاق بالتحديث، فإسناده حسن، إلا أنه ليس فيه قول عائشة في أوله: «لمّا كان من أمر عقدي ما كان قال أهل الإفك ما قالوا».
(٢) ويدل عليه أيضًا قول أُسيد بن حُضير لعائشة في قصة التيمم كما في «صحيح البخاري» (٣٣٦): «جزاك الله خيرًا، فوالله ما نزل بكِ أمرٌ تكرهينه إلا جعل الله ذلك لك وللمسلمين فيه خيرًا»؛ ففيه إشعار بأن هذه القصة كانت بعد قصة الإفك. انظر: «فتح الباري» لابن رجب (٢/ ٣١).
(٣) ساقط من م، ق، ب. وكأنه مضروب عليه في ص.