للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل

في الفتح الأعظم الذي أعز الله به دينه ورسوله وجنده وحَرَمه الأمين

واستنقذ به بلده وبيته الذي جعله هدًى للعالمين من أيدي الكفار والمشركين

وهو الفتح الذي استبشر به أهلُ السماء، وضربت أطنابُ عزِّه على مناكب الجوزاء، ودخل الناس به في دين الله أفواجًا، وأشرق به (١) وجه الدهر ضياءً وابتهاجًا.

خرج له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بكتائب الإسلام وجنود الرحمن سنة ثمانٍ لعشرٍ مضَين من رمضان، واستعمل على المدينة أبا رُهْم كُلثوم بن الحُصَين الغفاري (٢). وقال ابن سعد (٣): بل استعمل عبد الله بن أم مكتوم.

وكان السبب الذي جرَّ إليه (٤) وحدا عليه فيما ذكر إمام المغازي والسير والأخبار محمد بن إسحاق بن يسار (٥): أن بني بكر بن عبد مناة بن كنانة عدت على خُزاعة وهم على ماءٍ لهم يقال له: الوتير (٦)، فبيَّتوهم وقتلُوا منهم، وكان الذي هاج ذلك أن رجلًا من بني الحضرمي يقال له مالك بن عباد


(١) «به» ساقطة من ص، ز، د.
(٢) أخرجه ابن إسحاق ــ ومن طريقه ابن هشام (٢/ ٣٩٩) وأحمد (٢٣٩٢) ــ قال: حدثني الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن ابن عباس. وإسناده جيد.
(٣) في «الطبقات» (٢/ ١٢٥)، وهو قول شيخه الواقدي (١/ ٨). والأول أسند وأصح.
(٤) ص، د: «جُري له». وكذا كان في ز ثم أصلح إلى المثبت.
(٥) كما في «سيرة ابن هشام» (٢/ ٣٨٩) باختصار وتصرف يسير. ولعل المؤلف صادر عن «عيون الأثر» (٢/ ١٦٣).
(٦) جنوب غربيّ مكة على حدود الحرم جهة العُكيشية. انظر: «معجم المعالم في السيرة» (ص ٣٣١) و «معجم معالم الحجاز» (ص ١٧٩١).