للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين مرَّ بالحِجْر بديار ثمودَ قال: «لا تشربوا من مائها شيئًا ولا تتوضَّؤوا منه للصلاة، وما كان من عجينٍ عجنتموه فَاعْلِفوه الإبلَ ولا تأكلوا منه شيئًا، ولا يخرجنَّ أحدٌ منكم إلا ومعه صاحب له»، ففعل الناس إلا أن رجلين من بني ساعدة خرج أحدهما لحاجته وخرج الآخر في طلب بعيره، فأما الذي خرج لحاجته فإنه خُنِق على مذهبه، وأما الذي خرج في طلب بعيره فاحتملته الريحُ حتى طرحَتْه بجبلَي طيِّئٍ، فأُخبر بذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: «ألم أنهكم أن يخرجَ (١) أحدٌ منكم إلا ومعه صاحبه؟» ثم دعا للذي خنق على مذهبه فشُفِي، وأما الآخر فأهدته طيئ لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين قدم المدينة (٢).

قلت: والذي في «صحيح مسلم» (٣) من حديث أبي حُمَيد: انطلقنا حتى قدمنا تبوك فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ستهُبُّ عليكم الليلةَ ريحٌ شديدة، فلا يقم أحد منكم، فمن كان له بعير فليشدَّ عقاله»، فهبَّت ريح شديدة فقام رجل فحملته الريح حتى ألقَتْه بجبلي طيئ.

قال ابن هشام (٤): بلغني عن الزهري أنه قال: لما مرَّ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -


(١) في النسخ المطبوعة: «أن لا يخرج» خلافًا للأصول وللمصادر.
(٢) أسنده ابن إسحاق ــ كما في «السيرة» (٢/ ٥٢٢) و «الدلائل» (٥/ ٢٤٠) ــ عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم عن العباس بن سهل بن سعد الساعدي مرسلًا. وقد أسنده العباس بن سهل عن أبي حُميد الساعدي كما في حديث مسلم الآتي، وفي سياقه اختلاف عمّا ذكره ابن إسحاق.
(٣) برقم (١٣٩٢/ ١١ - ج ٤/ ١٧٨٥).
(٤) في «السيرة» (٢/ ٥٢٢)، والحديث أسنده الزهري عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه، كما عند البخاري (٣٣٨٠، ٤٤١٩) ومسلم (٢٩٨٠/ ٣٩)، ولفظ البخاري في الموضع الثاني: «ثم قنَّعَ رأسه وأسرع السير حتى أجاز الوادي».