للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قال بعض أطبَّاء الإسلام (١): إنَّما أمر النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بأكل البلح بالتَّمر، ولم يأمر بأكل البُسْر مع التَّمر، لأنَّ البلح باردٌ يابسٌ، والتَّمر حارٌّ رطبٌ، ففي كلٍّ منهما إصلاحٌ للآخر. وليس كذلك البُسْر مع التَّمر، فإنَّ كلَّ واحدٍ منهما حارٌّ، وإن كانت حرارة التَّمر أكثر. ولا ينبغي من جهة الطِّبِّ الجمعُ بين حارَّين أو باردين، كما تقدَّم.

وفي هذا الحديث: التَّنبيه على صحَّة أصل صناعة الطِّبِّ، ومراعاة التَّدبير الذي يصلُح في دفع كيفيَّات الأغذية والأدوية بعضِها ببعضٍ، ومراعاة القانون الطِّبِّيِّ الذي تحفظ به الصِّحَّة.

وفي البلح برودةٌ ويبوسةٌ. وهو يدبُغ (٢) الفم واللِّثة والمعدة، وهو رديٌّ للصَّدر والرِّئة بالخشونة الَّتي فيه، بطيءٌ في المعدة، يسير التَّغذية. وهو للنَّخلة كالحِصْرِم لشجر العنب. وهما جميعًا يولِّدان رياحًا وقَراقرَ ونفخًا، ولا سيَّما إذا شُرِب عليها (٣) الماء. ودفعُ مضرَّتهما (٤) بالتَّمر أو بالعسل والزُّبد.

بُسْر (٥): ثبت في الصَّحيح أنَّ أبا الهيثم بن التَّيِّهان لمَّا ضافه النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر وعمر جاءهم بعِذْقٍ ــ وهو من النَّخلة كالعنقود من العنب ــ فقال له:


(١) هو ابن طرخان الحموي الذي اعتمد المصنف على كتابه في هذه الفصول، والنقل منه إلى آخر ما ذكر من خواصِّ البلح.
(٢) في طبعة عبد اللطيف وما بعدها: «ينفع»، تحريف.
(٣) ن: «عليهما».
(٤) س: «مضرَّتها».
(٥) كتاب الحموي (ص ٤٠٨ - ٤٠٩).