للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأمَّا من رأى نجاستها فإنَّه لا يجوِّز بيعها، إذ نجاستها عينيَّةٌ، قال ابن القاسم (١): قال مالك: لا أرى أن تُشترى عظام الميتة ولا تُباع، ولا أنياب الفيل، ولا يُتَّجر فيها، ولا يُمتشط بأمشاطها، ولا يُدَّهن بمداهنها. وكيف يجعل الدُّهن في الميتة، ويمشط لحيته بعظام الميتة وهي مبلولةٌ؟ وكره أن يطبخ بعظام الميتة. وأجاز مطرِّف وابن الماجشون بيع أنياب الفيل مطلقًا، وأجازه ابن وهب وأصبغ إذا أُغلِيت وصُلِقت، وجَعلا ذلك دِباغًا لها.

فصل

وأمَّا تحريم بيع الخنزير، فيتناول جملتَه وجميعَ أجزائه الظَّاهرة والباطنة. وتأمَّلْ كيف ذكر لحمه عند تحريم الأكل إشارةً إلى تحريم أكله ومعظمه اللَّحم، فذكر اللَّحم تنبيهًا على تحريم أكله دون قَتْله (٢)، بخلاف الصَّيد، فإنَّه لم يقل فيه: وحرّم عليكم لحم الصَّيد، بل حرّم نفس الصَّيد ليتناول ذلك أكلَه وقتْلَه. وهاهنا لمَّا حرَّم البيع ذكر جملته، ولم يخصَّ التَّحريم بلحمه، ليتناول بيعه حيًّا وميِّتًا.

فصل

وأمَّا تحريم بيع الأصنام، فيُستفاد منه تحريم بيع كلِّ آلةٍ متَّخذةٍ للشِّرك، على أيِّ وجهٍ كانت، ومن أيِّ نوعٍ كانت، صنمًا أو وثنًا أو صليبًا، وكذلك الكتب المشتملة على الشِّرك وعبادةِ غير اللَّه، فهذه كلُّها يجب إزالتها وإعدامها، وبيعها ذريعةٌ إلى اقتنائها واتِّخاذها، فهي أولى بتحريم البيع من


(١) «المدونة» (٤/ ١٦١). وانظر: «عقد الجواهر الثمينة» (٢/ ٣٣٥).
(٢) في المطبوع: «دون ما قبله»، تحريف.