للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل

وكان - صلى الله عليه وسلم - يبايع أصحابه في الحرب على أن لا يفرُّوا، وربما بايعهم على الموت، وبايعهم على الجهاد، كما بايعهم على الإسلام، وبايعهم على الهجرة قبل الفتح، وبايعهم على التوحيد والتزام طاعة الله ورسوله.

وبايع نفرًا من أصحابه أن لا يسألوا الناس شيئًا، فكان السوط يسقط من يد أحدهم فينزل يأخذه ولا يقول لأحد: ناولني إياه (١).

وكان يشاور أصحابه في أمر الجهاد ولقاء العدو وتخيُّرِ المنازل، وفي «المسند» (٢) عن أبي هريرة: «ما رأيت أحدًا أكثر مشورةً لأصحابه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -».

وكان يتخلَّف في ساقتهم في المسير فيُزجي الضعيفَ ويُردف المنقطعَ (٣)، وكان أرفق الناس بهم في السير.

وكان إذا أراد غزوةً ورى بغيرها (٤)؛ فيقول مثلًا إذا أراد غزوة خيبر: كيف طريق نجدٍ ومياهُها؟ ومَن بها من العدو؟ ونحو ذلك.


(١) كما في حديث عوف بن مالك الأشجعي عند مسلم (١٠٤٣).
(٢) النسخ المطبوعة: «المستدرك»، خطأ مخالف للأصول. والحديث في «المسند» (١٨٩٢٨) ضمن خبر غزوة الحديبية الطويل الذي رواه الزهري عن عروة عن عن المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم، ففي أثنائه قال الزهري: وكان أبو هريرة يقول (فذكره). قال الحافظ في «الفتح» (١٣/ ٣٤٠): رجاله ثقات إلا أنه منقطع.
(٣) كما في حديث جابر عند أبي داود (٢٦٣٩) والحاكم (٢/ ١١٥). وقوله: «يُزجي الضعيف» أي: يسوق ويدفع المركوب الضعيف ليُلحقه بالرِّفاق.
(٤) أخرجه البخاري (٢٩٤٧) ومسلم (٢٧٦٩/ ٥٤) من حديث كعب بن مالك.