للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لهم وجُنَّةً.

وكان هدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيه أكملَ هديٍ (١)، وأعظمَه تحصيلًا (٢) للمقصود، وأسهلَه على النُّفوس.

ولمَّا كان فَطْم النُّفوس عن مألوفاتها وشهواتها من أشقِّ الأمور وأصعبها عليها، أُخِّر (٣) فرضه إلى وسط الإسلام بعد الهجرة، لمَّا توطَّنت النُّفوس على التَّوحيد والصَّلاة، وأَلِفتْ أوامرَ القرآن، فنُقِلتْ إليه بالتَّدريج.

وكان فرضه في السَّنة الثَّانية من الهجرة، فتوفِّي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد صام تسع رمضاناتٍ (٤)، وفُرِض أوَّلًا على وجه التَّخيير بينه وبينَ أن يطعمَ كلَّ (٥) يومٍ مسكينًا، ثمَّ نُقل عن (٦) ذلك التَّخيير إلى تحتُّم الصَّوم (٧)، وجُعل الإطعام للشَّيخ الكبير والمرأة إذا لم يطيقا الصِّيام، فإنَّهما يفطران ويطعمان عن كلِّ يومٍ مسكينًا (٨)، ورُخِّص للمريض والمسافر أن يفطرا ويقضيا، وللحامل


(١) ع: «الهدي».
(٢) في المطبوع: «أعظم تحصيل» خلاف النسخ.
(٣) ك: «فأخر». ق، م، مب: «تأخر».
(٤) إجماعًا، حكاه ابن مفلح في «الفروع» (٤/ ٤٠٥) والمرداوي في «الإنصاف» (٣/ ٢٦٩).
(٥) في المطبوع: «عن كل».
(٦) في المطبوع: «من».
(٧) رواه البخاري معلقًا (٤/ ١٨٨ - فتح الباري)، ووصله البيهقي (٤/ ٢٠٠) عن ابن أبي ليلى عن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وسنده صحيح. وانظر: «صحيح أبي داود - الأم» (٢/ ٤٣١).
(٨) يدلُّ عليه ما رواه البخاري (٤٥٠٥) عن عطاء سمع ابن عباس يقرأ {وعلى الذين يطوقونه فلا يطيقونه فدية طعام مسكين}، قال ابن عباس: «ليست بمنسوخة، هو الشيخ الكبير والمرأة الكبيرة لا يستطيعان أن يصوما، فيطعمان مكان كل يوم مسكينًا».