للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كونه ترك طعامه وشرابه وشهوته من أجل معبوده فأمرٌ (١) لا يطَّلع عليه بشرٌ، وذلك حقيقة الصَّوم.

وللصيام تأثيرٌ عجيبٌ في حفظ الجوارح الظَّاهرة والقوى الباطنة، وحِمْيتها عن التَّخليط الجالب لها الموادَّ الفاسدة الَّتي إذا استولت عليها أفسدتها، واستفراغِ الموادِّ الرَّديئة المانعة لها (٢) من صحَّتها، فالصَّوم يحفظ على القلب (٣) والجوارح صحَّتها، ويعيد إليها ما استلبته منها أيدي الشَّهوات، فهو من أكبر العونِ على التَّقوى، كما قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: ١٨٣].

وقال النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «الصَّوم جُنَّةٌ» (٤).

وأمر من اشتدَّت به شهوة النِّكاح ولا قدرةَ له عليه بالصِّيام، وجعلَه وِجاءَ هذه الشَّهوة (٥).

والمقصود أنَّ مصالح الصَّوم لمَّا كانت مشهودةً بالعقول السَّليمة والفِطَر المستقيمة، شرعه الله لعباده رحمةً بهم (٦)، وإحسانًا إليهم, وحميةً


(١) في المطبوع: «فهو أمر». والمثبت من الأصول.
(٢) في النسخ: «له». والمثبت من المطبوع يقتضيه السياق.
(٣) ع: «القلوب».
(٤) رواه البخاري (٧٤٩٢) ومسلم (١١٥١/ ١٦٢) من حديث أبي هريرة- رضي الله عنه -، واللفظ للبخاري.
(٥) رواه البخاري (٥٠٦٦) ومسلم (١٤٠٠) من حديث عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - .
(٦) ق، م، مب: «لهم».