للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وسبى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - صفية بنت حيي بن أخطب وابنة عمِّها (١)، وكانت صفية تحت كنانة بن أبي الحقيق وكانت عَروسًا حديثة عهدٍ بالدخول، فأمر بلالًا أن يذهب بها إلى رحله، فمرَّ بها بلال وسط القتلى، فكره ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال: «أذهبت الرحمةُ منك يا بلال؟!» (٢).

وعرض عليها رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - الإسلام فأسلمت، فاصطفاها لنفسه وأعتقها وجعل عِتقها صداقَها، وبنى بها في الطريق وأولم عليها. ورأى بوجهها خُضرةً فقال: «ما هذا؟» قالت: يا رسول الله، رأيتُ قبل قدومك علينا كأن القمر زال من مكانه فسقط في حجري ــ ولا واللهِ ما أذكر من شأنك شيئًا ــ فقصصتُها على زوجي فلطم وجهي وقال: تَمَنَّينَ هذا المَلِك الذي بالمدينة؟! (٣).

وشكَّ الصحابة هل اتخذها سُرِّيَّةً أو زوجةً؟ فقالوا: انظروا إن حجبها فهي إحدى نسائه وإلا فهي مما ملكت يمينه، فلما ركب جعل ثوبه الذي ارتدى به على ظهرها ووجهها ثم شدَّ طرفه تحته، فتأخروا عنه في المسير وعلموا أنها إحدى نسائه (٤).

ولما قدَّم فخذه ليحملها على الرحل أجلَّت أن تضع قدمها على فخذه


(١) «وابنة عمها» من ز، ف، ن، وسقط من سائر الأصول. وفي المطبوع: «وابنة عمتها».
(٢) روي عن عروة في مغازيه مرسلًا، وقد سبق تخريجه آنفًا.
(٣) ذكره عروة، وله شاهد من حديث ابن عمر عند ابن حبان (٥١٩٩) والطبراني في «الكبير» (٢٤/ ٦٧) والبيهقي في «الدلائل» (٤/ ٢٣٠) بإسناد جيد.
(٤) ذكره عروة في مغازيه، وله شاهد من حديث أنس عند البخاري (٤٢١٣) ومسلم (١٣٦٥/ ٨٧) بنحوه.