للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد ذُكر لفطره بعرفة عدَّة حِكَمٍ:

منها: أنَّه أقوى على الدُّعاء.

ومنها: أنَّ الفطر في السَّفر أفضل في فرض الصَّوم، فكيف بنفله.

ومنها: أنَّ ذلك اليوم كان يوم جمعة، وقد نهى عن إفراده بالصَّوم، فأحبَّ أن يرى النَّاس فطره فيه تأكيدًا لنهيه عن تخصيصه بالصَّوم، وإن كان صومه لكونه يوم عرفة لا يوم الجمعة.

وكان شيخنا - رضي الله عنه - يسلك مسلكًا آخر (١) وهو أنَّه يوم عيدٍ لأهل عرفة لاجتماعهم فيه، كاجتماع النَّاس يوم العيد، وهذا الاجتماع يختصُّ من بعرفة دون أهل الآفاق. قال: وقد أشار النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - إلى هذا في الحديث الذي رواه أهل «السُّنن» (٢) عنه: «يوم عرفة ويوم النَّحر وأيَّام منًى: عيدُنا أهل الإسلام». ومعلومٌ أنَّ كونه عيدًا هو لأهل ذلك الجمع لاجتماعهم فيه. والله أعلم.

فصل

وقد روي عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يصوم السَّبت والأحد كثيرًا، يقصد بذلك مخالفة اليهود والنَّصارى، كما في «المسند» و «سنن النَّسائي» (٣) عن كُريبٍ


(١) انظر: «شرح العمدة» (٣/ ٤٦٩).
(٢) أبو داود (٢٤١٩) والترمذي (٧٧٣) والنسائي (٣٠٠٤)، ورواه أحمد (١٧٣٧٩)، من حديث عقبة بن عامر - رضي الله عنه -. وصححه الترمذي وابن خزيمة (٢١٠٠) وابن حبان (٣٦٠٣) والحاكم (١/ ٤٣٤) والألباني في «صحيح أبي داود - الأم» (٧/ ١٧٨).
(٣) رواه أحمد (٢٦٧٥٠) والنسائي في الكبرى (٢٧٨٩) من حديث أم سلمة - رضي الله عنها - وصححه ابن خزيمة (٢١٦٧) وابن حبان (٣٦١٦) والحاكم (١/ ٤٣٦). وفي إسناده عبد الله بن محمد بن عمر بن علي وأبوه، كلاهما مجهول، وعليهما مدار الحديث. انظر: «الضعيفة» (١٠٩٩).