بالرَّجم؛ لأنَّها لو أقرَّت بلسانها لم أرجُمْها إذا رجعتْ، فكيف إذا أبت اللِّعان؟ وعنه روايةٌ ثانيةٌ: يُخلَّى سبيلُها، اختارها أبو بكر؛ لأنَّها لا يجب عليها الحدُّ، فيجب تخلية سبيلها كما لو لم تكمل البيِّنة.
فصل
قال الموجبون للحدِّ: معلومٌ أنَّ الله سبحانه جعل الْتعانَ الزَّوج بدلًا عن الشُّهود وقائمًا مقامهم، بل جعل الأزواج الملتعنين شُهداء كما تقدَّم، وصرَّح بأنَّ لعانهم شهادةٌ، وأوضح ذلك بقوله: {(٧) وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ} [النور: ٨]، وهذا يدلُّ على أنَّ سبب العذاب الدُّنيويِّ قد وُجد، وأنَّه لا يدفعه عنها إلا لعانُها، والعذاب المرفوع (١) عنها بلعانها هو المذكور في قوله تعالى: {وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}[النور: ٢]، وهذا عذاب الحدِّ قطعًا، فذكره مضافًا ومعرَّفًا بلام العهد، فلا يجوز أن ينصرف إلى عقوبةٍ لم تُذكر في اللَّفظ، ولا دلَّ عليها بوجهٍ ما من حبسٍ أو غيره، فكيف يُخلَّى سبيلها ويُدرأ عنها العذاب بغير لعانٍ؟ وهل هذا إلا مخالفةٌ لظاهر القرآن؟
قالوا: وقد جعل الله سبحانه لعانَ الزَّوج دارئًا لحدِّ القذف عنه، وجعل لعان الزَّوجة دارئًا لعذاب حدِّ الزِّنا عنها، فكما أنَّ الزَّوج إذا لم يلاعن يُحَدُّ حدَّ القذف، فكذلك الزَّوجة إذا لم تلاعن يجب عليها الحدُّ.
قالوا: وأمَّا قولكم: إنَّ لعان الزَّوج لو كان بيِّنةً تُوجِب الحدَّ عليها لم تملك هي إسقاطه باللِّعان كشهادة الأجنبيِّ، فالجواب: أنَّ حكم اللِّعان حكمٌ