للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الشَّهر أو العشر منه أو صوم يومٍ وفطر يومٍ أو صوم يوم عرفة وعاشوراء إذا وافق يومَ جمعةٍ، فإنَّه لا يُكره صومه في شيءٍ من ذلك.

فإن قيل: فما تصنعون بحديث عبد الله بن مسعودٍ: قلَّما رأيتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُفطِر في (١) يوم الجمعة؟ رواه أهل «السُّنن» (٢).

قيل: نقبله إن كان صحيحًا، ويتعيَّن حمله على صومه مع ما قبله أو بعده، ونردُّه إن لم يصحَّ، فإنَّه من الغرائب. قال الترمذي: حديثٌ غريبٌ.

فصل

في هديه - صلى الله عليه وسلم - في الاعتكاف

لمَّا كان صلاح القلب واستقامته على طريق سَيْرِه إلى الله، متوقِّفًا على جمعيِّته على اللَّه، ولَمِّ شَعَثِه بإقباله بالكلِّيَّة على الله، فإنَّ شَعَثَ القلبِ لا يَلُمُّه إلا الإقبالُ على الله، وكانت فضول الشَّراب والطَّعام وفضول مخالطة الأنام وفضول الكلام وفضول المنام ممَّا يزيده شَعَثًا، ويُشتِّته في كلِّ وادٍ، ويقطعه عن سيرِه إلى الله، أو يُضعفه أو يُعوِّقه ويَقِفه= اقتضتْ (٣) رحمة العزيز الرَّحيم بعباده أن شرعَ لهم من الصَّوم ما يُذِيبُ فضولَ الطَّعام والشَّراب، ويستفرغ من القلب أخلاطَ الشَّهوات المعوِّقة له عن سيره إلى الله، وشرعَه بقدر المصلحة، بحيث ينتفع به العبد في دنياه وأخراه، ولا يضرُّه ولا يقطعه عن مصالحه العاجلة والآجلة.


(١) «في» ليست في ك، ع.
(٢) تقدم تخريجه قريبًا.
(٣) جواب «لما» في أول الفقرة.