للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يُقتَل مع بني قريظة كما قُتل صاحبه حُيَي بن أخطب، ورغبت الخزرج في قتله مساواةً للأوس في قتل كعب بن الأشرف، وكان الله سبحانه قد جعل هذين الحيَّين يتصاولان بين يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الخيرات، فاستأذنوه في قتله فأذن لهم، فانتدب له رجال كلهم من بني سلمة وهم: عبد الله بن عَتِيك وهو أمير القوم، وعبد الله بن أُنَيس، وأبو قتادة الحارث بن رِبْعي، ومسعود بن سنان، وخزاعي بن أسود، فساروا حتى أتوه في خيبر في دارٍ له فنزلوا عليه ليلًا فقتلوه، ورجعوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكلّهم ادعى قتله فقال: «أروني أسيافكم»، فلما أَرَوه إياها قال لسيف عبد الله بن أنيس: «هذا قتله، أرى فيه أثر الطعام (١)» (٢).

فصل

ثم خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى بني لِحيان بعد قريظة بستة أشهر ليغزوهم، فخرج في مِائتي رجل وأظهر أنه يريد الشام، واستخلف على المدينة ابنَ أمِّ مكتوم، ثم أسرع السير حتى انتهى إلى بطن غُرانَ وادٍ من أودية بلادهم ــ وهو بين أَمَجَ (٣) وعُسفان ــ حيث كان مُصاب أصحابه (٤)، فترحم عليهم ودعا


(١) وذلك أن عبد الله بن أنيس كان تحامل عليه بسيفه في بطنه حتى أنفذه.
(٢) هذا السياق للخبر مختصر مما ذكره ابن إسحاق عن الزهري عن عبد الله بن كعب بن مالك مرسلًا، كما في «سيرة ابن هشام» (٢/ ٢٧٣ - ٢٧٥). ويخالفه ما عند البخاري (٤٠٣٩) من حديث البراء، ففيه أن أميرهم عبد الله بن عتيك دخل الحصن وقتل أبا رافعٍ وحدَه دون أصحابه.
(٣) «أمج» يُعرف اليوم بـ «خُلَيص»، وأما «عُسفان» فلا يزال معروفًا بهذا الاسم. انظر: «معجم المعالم الجغرافية في السيرة النبوية» لعاتق البلادي (ص ٢٢٤ - ٢٢٥).
(٤) أي من أصحاب الرجيع: عاصم بن ثابت وخُبيب بن عدي ومن كان معهما.