للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأنفس، وأقدم بالتَّهوُّر على ما لم يعلمه؛ فيكون قد غرَّر بالعليل، فيلزمه الضَّمان لذلك.

وهذا إجماعٌ من أهل العلم. قال الخطابي (١): لا أعلم خلافًا في أنَّ المعالج إذا تعدَّى، فتلِفَ المريضُ، كان ضامنًا. والمتعاطي علمًا أو عملًا لا يعرفه متعدٍّ، فإذا تولَّد من فعله التَّلفُ ضمِن الدِّيَة. وسقط عنه القودُ، لأنَّه لا يستبدُّ بذلك دون إذن المريض. وجنايةُ المتطبِّب في قول عامَّة الفقهاء على عاقلته.

قلت: الأقسام خمسة:

أحدها: طبيبٌ حاذقٌ أعطى الصَّنعةَ حقَّها ولم تجنِ يدُه، فتولَّد من فعله المأذونِ من جهة الشَّارع ومن جهةِ مَن يطُبُّه تلفُ العضو أو النَّفس، أو ذهابُ صفةٍ= فهذا لا ضمان عليه اتِّفاقًا، فإنَّها سِرايةُ مأذونٍ فيه. وهذا كما إذا ختَن الصَّبيَّ في وقتٍ وسنٍّ قابلٍ (٢) للختان، وأعطى الصَّنعة حقَّها، فتلفِ العضوُ أو الصَّبيُّ= لم يضمَن. وكذلك إذا بطَّ من عاقلٍ أو غيره ما ينبغي بطُّه، في وقته، على الوجه الذي ينبغي، فتلف به= لم يضمَن.

وهكذا سرايةُ كلِّ مأذونٍ فيه لم يتعدَّ الفاعل في سببها، كسِراية الحدِّ بالاتِّفاق، وسرايةِ القصاص عند الجمهور خلافًا لأبي حنيفة في إيجابه الضَّمان بها، وسرايةِ التَّعزير، وضربِ الرَّجل امرأتَه، والمعلِّمِ الصَّبيَّ (٣).


(١) في «معالم السنن» (٤/ ٣٩)، والنقل من كتاب الحموي (ص ٥٤).
(٢) كذا في جميع النسخ الخطية والطبعة الهندية، وفي طبعة عبد اللطيف «وسنُّه قابلٌ».
(٣) في الطبعة الهندية بعده زيادة نصُّها: «والمستأجر الدابة خلافًا لأبي حنيفة والشافعي في إيجابهما الضمان في ذلك. صح أصل». وختم الزيادة بـ «صح أصل» يدل على أنها وقعت في حاشية النسخة التي اعتمد عليها ناشر الهندية. وقد حذف «صح أصل» من الطبعات الأخرى.