للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الرَّديَّة (١) الَّتي أوجبت له الأذى في رأسه باحتقانها تحت الشَّعر، فإذا حلَق رأسه تفتَّحت المسامُّ, فخرجت تلك الأبخِرة منها. فهذا الاستفراغ يقاس عليه كلُّ استفراغٍ يؤذي انحباسُه.

والأشياء الَّتي يؤذي انحباسها ومدافعتها عشرةٌ: الدَّم إذا هاج, والمنيُّ إذا تبيَّغ (٢)، والبول، والغائط، والرِّيح، والقيء، والعطاس، والنَّوم، والجوع، والعطش. وكلُّ واحدٍ من هذه العشرة يُوجِب حبسُه داءً من الأدواء بحسبه (٣). وقد نبَّه سبحانه باستفراغ أدناها ــ وهو البخار المحتقِن في الرَّأس ــ على استفراغ ما هو أصعب منه، كما هي طريقة القرآن: التَّنبيه بالأدنى على الأعلى.

وأمَّا الحِمية، فقال تعالى في آية الوضوء: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} [النساء: ٤٣]. فأباح للمريض العدول عن الماء إلى التُّراب حميةً له أن يصيب جسدَه ما يؤذيه، وهذا تنبيهٌ على الحمية عن كلِّ مؤذٍ له من داخلٍ أو خارجٍ.

فقد أرشد سبحانه عباده إلى أصول الطِّبِّ ومجامع قواعده (٤). ونحن نذكر هدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ذلك، ونبيِّن أنَّ هديه فيه أكمل هديٍ.

فأمَّا طبُّ القلوب، فمسلَّمٌ إلى الرُّسل صلوات الله عليهم وسلامه، ولا سبيل إلى حصوله إلا من جهتهم وعلى أيديهم، فإنَّ صلاح القلوب أن تكون


(١) كذا بالتسهيل في جميع النسخ.
(٢) أي هاج ــ كما في حاشية ز، س ــ وغلب. ولم تحرر الكلمة في أكثر النسخ.
(٣) س، حط: «بحبسه»، تصحيف.
(٤) بعده في س، ث، ل وفوق السطر في ز: «الثلاثة».