للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي «صحيح البخاري» (١) عن جابر قال: عطش الناس يوم الحديبية ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين يديه رَكْوةٌ يتوضأ منها إذ جَهَش الناس نحوَه، فقال: «ما لكم؟» قالوا: يا رسول الله، ما عندنا ماء نشرب ولا ما (٢) نتوضأ إلا ما بين يديك فوضع يده في الركوة فجعل الماء يفور من بين أصابعه أمثالَ العيون فشربوا وتوضَّؤوا، وكانوا خمس عشرة مائة. وهذه غير قصة البئر.

وفي هذه الغزوة أصابهم ليلةً مطر، فلمَّا صلى النبي - صلى الله عليه وسلم - الصبح قال: «أتدرون ماذا قال ربُّكم الليلةَ؟» قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: «أصبح من عبادي مؤمن وكافر، فأما من قال: مُطِرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي كافر بالكوكب، وأما من قال: مُطِرنا بِنَوء كذا وكذا فذلك كافر بي مؤمن بالكوكب» (٣).

فصل

وجرى الصلحُ بين المسلمين وأهل مكة على وضع الحرب عشر سنين، وأن يأمَنَ الناسُ بعضهم من بعضٍ، وأن يرجع عنهم عامَه ذلك حتى إذا كان العام المقبل قدمها وخلَّوا بينه وبين مكة فأقام بها ثلاثًا، وأن لا يدخلها إلا بسلاح الراكب والسيوف في القُرُب، وأن من أتانا من أصحابك لم نردَّه


(١) برقم (٣٥٧٦) بنحوه، وهذا لفظ البيهقي في «الدلائل» (٤/ ١١٦).
(٢) مطبوعة «الدلائل»: «ماء»، والمثبت مقتضى ما في ص، د حيث غوير بينها وبين ما قبلها بوضع علامة المد على الأولى دون الثانية. وفي س كلتاهما عليها علامة المد إلا أن الأولى كتبت معها همزة دون الثانية. وفي سائر النسخ هما سواء.
(٣) أخرجه البخاري (٨٤٦، ١٠٣٨) ومسلم (٧١).