للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأهمَّني شأنهما، فأوحي إليَّ في المنام أن: انفُخْهما، فنفختهما فطارا، فأولتهما كذَّابيَن يخرجان من بعدي، فهذان هما: أحدهما العَنْسي صاحب صنعاء، والآخر مسيلمة صاحب اليمامة». وهذا أصح من حديث ابن إسحاق المتقدم.

وفي «الصحيحين» (١) من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «بينا أنا نائم إذ أتيتُ بخزائن الأرض، فوُضِع في يديَّ سِواران من ذهب، فكَبُرا عليَّ وأهماني، فأوحِيَ إليَّ أن: انفخهما، فنفختُهما فذهبا، فأوَّلتُهما الكذابين اللَّذَين أنا بينهما: صاحب صنعاء وصاحب اليمامة».

فصل

في فقه هذه القصة

فيها: جواز مكاتبة الإمام لأهل الردة إذا كان لهم شوكة، ويَكتب لهم ولإخوانهم من الكفار: سلام على من اتبع الهدى.

ومنها: أن الرسول لا يُقتَل ولو كان مرتدًّا، هذه السنة.

ومنها: أن للإمام أن يأتي بنفسه إلى من قدم يريد لقاءه من الكفار.

ومنها: أن الإمام ينبغي له أن يستعين برجلٍ من أهل العلم يجيب عنه أهلَ الاعتراض والعناد.

ومنها: توكيل العالم لبعض أصحابه أن يتكلَّم عنه ويجيب عنه.

ومنها: أن هذا الحديث من أكبر فضائل الصديق، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - نفخ السوارين برُوحه (٢) فطارا، وكان الصديق هو ذلك الرُّوح الذي نفخ مسيلمة


(١) البخاري (٤٣٧٤) ومسلم (٢٢٧٤).
(٢) أي: بنفخه.