للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حكم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الإيلاء]

ثبت في «صحيح البخاريِّ» (١) عن أنس قال: آلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من نسائه، وكانت انفكَّتْ رِجله، فأقام في مَشْرُبةٍ (٢) له تسعًا وعشرين ليلةً ثمَّ نزل، فقالوا: يا رسول الله، آليتَ شهرًا، فقال: «إنَّ الشَّهر يكون تسعًا وعشرين». وقد قال سبحانه: {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٢٢٦) وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [البقرة: ٢٢٦ - ٢٢٧].

الإيلاء لغةً: الامتناع باليمين، وخُصَّ في عرف الشَّرع بالامتناع باليمين من وطء الزَّوجة، ولهذا عُدِّي فعله بأداة «من» تضمينًا له معنى يمتنعون من نسائهم، وهو أحسن من إقامة «من» مقام «على».

وجعل سبحانه للأزواج مدَّة أربعة أشهرٍ يمتنعون فيها من وطء أزواجهم بالإيلاء، فإذا مضت فإمَّا أن يفيء وإمَّا أن يطلِّق.

وقد اشتهر عن علي وابن عبَّاسٍ أنَّ الإيلاء إنَّما يكون في حال الغضب دون الرِّضى (٣)، كما وقع لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع نسائه، وظاهرُ القرآن مع


(١) بأرقام (١٩١١، ٥٢٨٩، ٦٦٨٤).
(٢) هي الغرفة المرتفعة.
(٣) أخرجه عن عليٍّ سعيدُ بن منصور (١٨٧٤، ١٨٧٨) وابنُ أبي شيبة (١٨٩٤٧، ١٨٩٤٨) وأسانيدها لا تخلو من ضعف. وأما ابن عباس فرواه سعيد بن منصور (١٨٧٦) عن أبي وكيع عن أبي فزارة عنه. وانظر: «الإشراف» (٥/ ٢٧٥) و «المحلى» (١٠/ ٤٥).