للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل

فيما في خطبته العظيمة ثاني يوم الفتح من أنواع العلم

فمنها: قوله: «إن مكة حرَّمها الله ولم يحرمها الناس» (١)، فهذا تحريم شرعي قدري سبق به قدره يومَ خلَقَ هذا العالم، ثم ظهر به أمره (٢) على لسان خليلَيه (٣) إبراهيم ومحمد صلوات الله وسلامه عليهما كما في «الصحيح» (٤) عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «اللهم إن إبراهيم خليلَك حرَّم مكة وإني أحرِّم المدينة»، فهذا إخبار عن ظهور التحريم السابق يوم خلق السماوات والأرض على لسان إبراهيم، ولهذا لم ينازع أحدٌ مِن أهل الإسلام في تحريمها وإن تنازعوا في تحريم المدينة، والصواب المقطوع به تحريمها إذ قد صحَّ فيه بضعة وعشرون حديثًا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا مطعنَ فيها بوجه (٥).

ومنها: قوله: «فلا يحل لأحد أن يسفك بها دمًا»، هذا التحريم لسفك الدم المختصُّ بها هو (٦) الذي يباح في غيرها ويَحرُم فيها لكونها حرمًا، كما


(١) متفق عليه من حديث شريح العدوي، وقد سبق.
(٢) «أمره» سقط من المطبوع.
(٣) ث، س، ن، المطبوع: «خليله».
(٤) للبخاري (٣٣٦٧، ٤٠٨٤، ٧٣٣٣) من حديث أنس بنحوه. وأخرجه مسلم (١٣٦٠، ١٣٦١، ١٣٧٤/ ٤٧٥) من أحاديث عبد الله بن زيد بن عاصم، ورافع بن خَدِيج، وجابر بن عبد الله، وأبي سعيد الخدري - رضي الله عنهم - بنحوه.
(٥) انظر: «الأحاديث الواردة في فضائل المدينة ــ جمعًا ودراسة» لصالح بن حامد الرفاعي (ص ٤٥ - ١١٦)، فقد جمع أحاديث الباب من مسند (٢٤) صحابيًّا، منها بضعة عشر صحاحًا وحِسانًا.
(٦) النسخ المطبوعة: «وهو»، زيادة اختلَّ بها السياق.