للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أن تحريم عضد الشجر بها واختلاء خلاها (١) والتقاط لُقطتها هو أمر يختصُّ بها وهو مباح في غيرها، إذ الجميع في كلام واحد ونظام واحد، وإلا بطلت فائدة التخصيص، وهذا أنواع:

أحدها ــ وهو الذي ساقه أبو شُرَيح العَدَوي لأجله ــ: أن الطائفة الممتنعة بها من مبايعة (٢) الإمام لا تقاتل، لا سيما إن كان لها تأويل، كما امتنع أهل مكة من بيعة يزيد وبايعوا ابن الزبير، فلم يكن قتالهم ونصب المَنجَنيق عليهم وإحلالُ حرم الله جائزًا بالنص والإجماع.

وإنما خالف في ذلك عمرو بن سعيدٍ الفاسق وشيعتُه وعارض نصَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - برأيه وهواه فقال: «إن الحرم لا يعيذ عاصيًا» (٣)، فيقال له: هو لا يعيذ عاصيًا مِن عذاب الله، ولو لم يُعِذه مِن سفك دمه لم يكن حرمًا بالنسبة إلى الآدميين وكان حرمًا بالنسبة إلى الطير والحيوان البَهِيم! وهو لم يزل يعيذ العصاةَ مِن عهد إبراهيم صلوات الله وسلامه عليه، وقام الإسلام على ذلك، وإنما لم يُعِذ مِقْيَس بن صُبابة وابنَ خطل ومن سُمِّي معهم (٤)، لأنه في تلك الساعة لم يكن حرمًا بل حِلًّا، فلما انقضت ساعة الحرب عاد


(١) النسخ المطبوعة: «خلائها»، خطأ. و «الخَلَى» بالقصر: الرَّطب من الحشيش، واختلاؤه: قطعه. وسيأتي شرحهما عند المؤلف (ص ٥٥٦).
(٢) الضبط المثبت من س، ن، والنسخ المطبوعة. والذي في سائر الأصول: «متابعة».
(٣) كما في حديث أبي شريح المتفق عليه. وعمرو بن سعيد هو الأموي المعروف بالأشدق، كان واليًا على المدينة أيام يزيد بن معاوية، وكان يبعث البعوث إلى مكة لقتال ابن الزبير عندما ذكر له أبو شريح العدوي - رضي الله عنه - هذا الحديث، فردّ عليه بقوله هذا.
(٤) كذا في جميع الأصول عدا ن، ففيها: «معهما».