للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكلام؛ فإن فيه توليةَ النعمة ربَّها والدعاءَ لمن نالها بالتهنِّي بها.

وفيه دليل على أن خير أيام العبد على الإطلاق وأفضلَها يومُ توبته إلى الله وقبول الله توبته، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «أبشر بخير يوم مرَّ عليك منذ ولدتك أمك». فإن قيل: فكيف يكون هذا اليوم خيرًا من يوم إسلامه؟ قيل: هو مكمِّل ليوم إسلامه ومِن تمامه، فيومُ إسلامه بداية سعادته ويومُ توبته كمالها وتمامها، فالله المستعان.

وفي سرور رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بذلك وفرحه به واستنارة وجهه دليل على ما جعل الله فيه من كمال الشفقة على الأمة والرحمة بهم والرأفة، حتى لعل فرحه كان أعظم من فرح كعبٍ وصاحبيه.

وقول كعب: «يا رسول الله، إن من توبتي أن أنخلع من مالي» دليل على استحباب الصدقة عند التوبة بما قدر عليه من المال.

وقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أمسك عليك بعض مالك فهو خير لك» دليل على أن من نذر الصدقة بكل ماله لم يلزمه إخراجُ جميعه، بل يجوز له أن يُبقي له منه بقيةً. وقد اختلفت الرواية في ذلك، ففي «الصحيحين» أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له: «أمسك عليك بعض مالك»، ولم يعين له قدرًا بل أطلق البعض ووكله إلى اجتهاده في قدر الكفاية، وهذا هو الصحيح، فإن ما نقص عن كفايته وكفاية أهله لا يجوز له التصدُّق به، فنذره لا يكون طاعةً فلا يجب الوفاء به، وما زاد على قدر كفايته وحاجته فإخراجه والصدقة به أفضل، فيجب إخراجه إذا نذره؛ هذا قياس المذهب ومقتضى قواعد الشريعة، ولهذا تُقدَّم كفايةُ الرجل وكفايةُ أهله على أداء الواجبات المالية، سواءٌ كانت حقًّا لله كالكفارات والحج أو حقًّا للآدميين كأداء الديون، فإنا نترك للمفلس ما لا