للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كالعائد في قَيْئِه» (١).

واحتجَّ أبو محمد ابن حزم بحديث عائشة أنَّ أوس بن الصامت كان به لَممٌ، فكان إذا اشتدَّ لَممُه ظاهر من امرأته، فأنزل الله عزَّ وجلَّ فيه كفَّارة الظِّهار (٢). فقال (٣): هذا يقتضي التَّكرار ولا بُدَّ (٤)، قال: ولا يصحُّ في الظِّهار إلا هذا الخبر وحده.

قالوا: وأمَّا تشنيعكم علينا بأنَّ هذا القول لم يقل به أحدٌ من الصَّحابة، فأَرُونا من قال من الصَّحابة: إنَّ العود هو الوطء، أو العزم، أو الإمساك، أو هو العود إلى الظِّهار في الجاهليَّة، ولو عن رجلٍ واحدٍ من الصَّحابة، فلا تكونون أسعدَ بأصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منَّا أبدًا.

فصل

ونازعهم الجمهور في ذلك، وقالوا: ليس معنى العود إعادة اللَّفظ الأوَّل؛ لأنَّه لو كان ذلك هو العود، لقال: «ثمَّ يُعِيدون ما قالوا»؛ لأنَّه يقال: أعاد كلامه بعينه، وأمَّا عاد فإنَّما هو في الأفعال، كما يقال: عاد في فعله، وفي هبته، فهذا بـ (في). ويقال: عاد إلى عمله، وإلى ولايته، وإلى حاله، وإلى إحسانه وإساءته، ونحو ذلك، وعاد له أيضًا. وأمَّا القول فإنَّما يقال: أعاده،


(١) أخرجه البخاري (٢٥٨٩، ٢٦٢١، ٢٦٢٢، ٦٩٧٥) ومسلم (١٦٢٢) من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما -، وفي الباب عن عمر عند الشيخين أيضًا.
(٢) هذا لفظ أبي داود (٢٢١٩)، والحاكم (٣٧٩٢)، وقد سبق تخريج الحديث.
(٣) في «المحلى» (١٠/ ٥٢).
(٤) في النسخ: «والابد». والتصويب من «المحلى».