للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كنا معهم، وإن أصيبوا أَعطينا الذي سُئلنا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يا أبا هريرة!»، فقلت: لبيك رسول الله، فقال: «اهْتِف لي بالأنصار، ولا يأتيني إلا أنصاري»، فهتف بهم فجاؤوا فأطافوا برسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: «ترون إلى أوباش قريش وأتباعهم؟» ثم قال بيديه إحداهما على الأخرى: «احصدوهم حصدًا حتى توافوني بالصفا»، فانطلقنا فما يشاء أحد منا أن يقتل منهم ما شاء، وما أحد منهم يُوجِّه إلينا شيئًا (١).

وركزت راية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالحَجُون عند مسجد الفتح (٢).

ثم نهض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والمهاجرون والأنصار بين يديه وخلفه وحوله حتى دخل المسجد، فأقبل إلى الحجر الأسود فاستلمه، ثم طاف بالبيت وفي يده قوس، وحول البيت وعليه ثلاثمائة وستون صنمًا، فجعل يطعنها بالقوس ويقول: {جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا} [الإسراء: ٨١]، {جَاءَ الْحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ} [سبأ: ٤٩]، والأصنام تتساقط على وجوهها (٣).

وكان طوافه على راحلته، ولم يكن محرمًا يومئذ فاقتصر على الطواف،


(١) أخرجه أحمد (١٠٩٤٨) ــ ومن طريقه ابن سيد الناس في «عيون الأثر» (٢/ ١٧٤) واللفظ له ــ ومسلم (١٧٨٠) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.
(٢) انظر: «صحيح البخاري» (٤٢٨٠).
(٣) أخرجه البخاري (٤٧٢٠) ومسلم (١٧٨١) من حديث ابن مسعود بنحوه، وأخرجه مسلم (١٧٨٠/ ٨٤) أيضًا من حديث أبي هريرة بنحوه، إلا أنه ليس فيهما ذكر تساقط الأصنام، وقد روي ذلك من حديث ابن عباس عند الطبراني في «الكبير» (١٠/ ٣٣٨) و «الصغير» (١١٥٢) وأبي نعيم في «حلية الأولياء» (٣/ ٢١٢) والضياء في «المختارة» (١٢/ ٣٢٠) بإسناد حسن.