للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فهداكم الله بي، وعالةً فأغناكم الله بي، وأعداءً فألف الله بين قلوبكم؟» قالوا: الله ورسوله أَمَنُّ وأفضل. ثم قال: «ألا تجيبوني يا معشر الأنصار؟» قالوا: بماذا نجيبك يا رسول الله، لِلّاه ولرسوله المنُّ والفضل. قال: «أما والله لو شئتم لقلتم فلصَدَقتم ولصُدِّقتم: أتيتنا مكذَّبًا فصدقناك، ومخذولًا فنصرناك، وطريدًا فآويناك، وعائلًا فآسيناك؛ أَوَجدتم عليَّ يا معشر الأنصار في أنفسكم في لُعاعةٍ من الدنيا تألَّفتُ بها قومًا ليُسلموا ووَكَلْتكم إلى إسلامكم؟ ألا ترضَون يا معشر الأنصار أن يذهب الناس بالشاة والبعير، وترجعون برسول الله إلى رحالكم؟ فوالذي نفس محمدٍ بيده لما تنقلبون به خيرٌ مما ينقلبون به، ولولا الهجرة لكنت امرءًا من الأنصار، ولو سلك الناس شعبًا وواديًا وسلكت الأنصارُ (١) لسلكتُ شعب الأنصار وواديها، الأنصار شِعار والناس دِثار (٢)، اللهم ارحم الأنصار وأبناء الأنصار وأبناء أبناء الأنصار» قال: فبكى القوم حتى أخضَلُوا لحاهم وقالوا: رضينا برسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَسْمًا وحظًّا، ثم انصرف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتفرقوا.

وقدمت الشَّيماء بنتُ الحارث بن عبد العُزَّى أخت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الرضاعة فقالت: يا رسول الله إني أختك، قال: «وما علامة ذلك؟» قالت: عَضَّة عضضتَنيها في ظهري وأنا متورِّكتك، قال: فعرف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - العلامة فبسط


(١) زِيد في المطبوع بعده: «شعبًا وواديًا»، وليس في شيء من الأصول، وهو مفهوم من السياق.
(٢) الشعار: الثوب الذي يلي الجسد، سمي به لأنه يلي شَعره. والدثار: الثوب الذي يكون فوق الشعار. أي: أن الأنصار هم الخاصة والبطانة، وهم أقرب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وألصق به من هؤلاء الناس الذين أُعطوا العطايا.